Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الأربعاء، أغسطس 31، 2005

موجة حر


الحر اللعين لا ينفك يطاردني من مدينة لأخرى، حتى إلى أوربا المحروسة بعين الآلهة أجمع من بن لادن وكل إسلاموي "مصرقع"، أوربا التي أعفتها السماء من لعنة القيض وبلاء الحر تجتاحها هذا الأسبوع موجة حر شديدة نسبيا بعد أسبوع من الفيضانات والحرائق،،، درجات الحرارة تجاوزت الثلاثين مئوية فانطلقت موجة عري متساوقة مع موجة الحر تلك ما أدخلني في جدالات عقائدية عقيمة مع حرمنا المصون انتهت بفرض إقامة شبه جبرية عليّ صوناً لنفسي وحفاظاً على القيم الإسلامية التي أحملها!!!

بعد بحث وتدقيق وتمحيص في الأسباب التي من شأنها دفع درجات الحرارة للارتفاع بهذا الشكل الغير مسبوق، وجدت بأن الحرارة لابد وأن تكون أحد أعراض غزو الخليجيين لأوربا هذه الأيام، فبدلا من فرار زنابير السلفية الملعونة (حسب تعبير سوسن الشاعر) من أعشاشها في لندن بعد تفجيرات يوليو فر السياح الخليجيون من هناك وانتشروا كالوباء في ربوع أوربا فصيروا الشامبزإليزيه في باريس كأحد شوارع حي السيدة في سوريا،،، أينما تلتفت تجد شيئا أسود في وسط كومة من اللحم الأبيض الشهي، تحسبه لوهلة قط أسود كتلك القطط التي نسميها في البحرين "سنانير السعف" ربما قد ضل طريقه إلى هناك أو ربما جاء للترويح عن نفسه كما الآخرين إلا أنك مع مزيد من التدقيق في المشهد تكتشف بأن ذلك السواد ليس إلا "دفة" خليجية أو "بخنق" وفي بعض الأحيان "بطّولة" فترتفع في نفسك مؤشرات الفخر والاعتزاز ببنات جنسك الائي كن محتشمات لدرجة أنهن لم يتخلين عن حجابهن حتى في الشامبزإليزيه إلا أن تلك المؤشرات لا تلبث أن تتراجع بحدة مع مشاهد المعاكسات البدائية التي ينخرط فيها هؤلاء فتخجل حتى من انتمائك لهم فترفع رأسك للسماء وتسائلها لمَ لم تخلقك هنديا من طائفة السيخ أو مصريا تقتات على الفسيخ أو من أي جنس آخر من أجناس هذا الكون الفسيح؟!

ما يفعله هؤلاء بعد صولات وجولات من المعاكسات السخيفة والمطاردات المقرفة، يصيبني بنوع من "أم الزيغة"* بين فصي المخ وحكة فكرية وكحة آيدلوجية وبعض مغص ديني حاد يؤدي في نهايته لإسهال معرفي وسلس عقائدي،،، فما أن ينتهوا مما كانوا يفعلون حتى يشرعوا في رحلة بحث عن طعام نباتي يطفحوه أو يصطفوا في طوابير كطوابير النمل عند مطعم لابون اللبناني، الواقع على أحد الشوارع المتفرعة عن الشامبزإليزيه، ليشتروا "شاورما" من اللحم الحلال بعشرين ضعف سعرها في بلادهم!!! الآلهة وحدها قادرة على إحصاء كم التناقضات التي يعيشها هؤلاء، "دفيف" و"بخانق" و"بطّولات" ومعاكسات وشبق جنسي وإصرار على تناول اللحم الحلال... لست أدري أي فكر هذا الذي يحل لحم النساء ويحرم لحم الماعز!

سعوديون، كويتيون، إماراتيون، قطريون وقليل من البحرينيين غالبيتهم لا يحمل في رأسه بالقدر الذي يملأ جيوبه، انتفخت أكراشهم من البترودينار وأثروا (في الغالب) في غفلة من أجهزة الرقابة في بلادهم، جاءوا إلى هنا ليعطوا صورة سيئة عن أهل الخليج، جاءوا إلى هنا تاركين ورائهم عشرات الآلاف من الجوعى في بلادهم... استثنيت من تلك اللائحة بعض العمانيين الذين التقيتهم هناك، ذلك أن هؤلاء لم يكن من بينهم من يرتدي شيئا أسود (لا دفة ولا بطّولة ولا بخنق ولا حتى برنص) بل كن يكتفين بارتداء "المشامر" المزكرشة!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي
باريس المحروسة

----------------------------------
*أم الزيغة باللهجة البحرانية هو "السُلاخ" وهو نوع من الالتهابات الجلدية التي تصيب منطقة ما بين الفخذين.

الثلاثاء، أغسطس 30، 2005

ندوة لندن مرة أخرى



سامحتك السماء وعفت عنك الآلهة يا "هالة فيصل" فقد سننت سنة حسنة لكل الحسناوات إذا ما شئن لفت الأنظار لأمر ما، ونحن نجزم بضرس قاطع بأن ما فعلته حق وصواب بل وربما الأحوط وجوبا العمل به في بعض الأحيان، إلا أن هناك بعض المتخلفين (وما أكثرهم عندنا) ظن بأن هذه السُنّة "يونيسكس" (تصلح للجنسين معا) وبأنها تصلح لصرف الانظار عن أمر ما بالقدر الذي تنجح فيه للفت الانتباه لأمر آخر، فخرج على الناس مستعرضا إليتيه وآلته في مشهد "ستربتيز" مقرف على شارع القصر القديم يوم انعقاد ندوة لندن بالذات واستغرق الأمر قرابة الساعة فقط لأن يقطع عناصر شرطتنا البواسل المسافة الشاسعة بين الشارع العام ومركز شرطة القضيبية الذي يبعد ما لا يقل عن مائة ألف مليمتر عن موقع الحدث!

أرجو أن لا يسيء القارئ فهم قصدي فأنا لست ضد التعري أبدا بل أنا من أشد المناصرين لـ "هالة فيصل" وسُنّتها الحسنة المحمودة إذا ما طبقت حسب شروطها، وأهمها أن لا تكون "يونيسكس" وأن يتحلى من يبتغي العمل بها بقدر لا بأس به من الجمال ومياسة القد!!!

وفي مشهد فاضح آخر تفتقت عبقرية أصحاب "اللافتات البيض" عن نشرات كتب عليها بأن الخمنائي (قدس الله ظله) أوصى عيسى قاسم بالمشاركة في الانتخابات التشريعية ووزعت - كالعادة - على الدوارات والشوارع العامة، إلا أن عبقرية الإخراج التي أنتجت فيلم جنيف المشهور أغفلت بأن الشيعة لا يقدسون الظل وإنما يهتمون بطوله فقط، ودواب الشيعة فضلا عنهم يدركون بأن "قدس الله ظله" لا وجود لها في قواميسهم وإنما المشهور عندهم هو "قدس سره" أو "مد ظله" ولكن نائبنا العبقري ارتأى المزج بين الاثنتين في اجتهاد آخر من اجتهاداته التي لا تنفذ!!!

كل هذا الإسهال في الخطب والمقالات والتقارير والبيانات والعري والنشرات من أجل ندوة لم يحضرها أكثر من خمسين شخصاً مشكوك في وطنيتهم (على رأي أخبار الخليج)؟! ترى كيف سيكون رد فعل تلك الجهات لو أن ألف شخص لا يرتقي الشك إلى وطنيتهم شاركوا في ندوة مشابهة؟! ربما يفتي أصحاب "اللافتات البيض" مريديهم بتقصير الثياب إلى مافوق العانة ويخرجوا بالعشرات للشوارع العامة بغية صرف الأنظار عن تلك الندوة!!!

لازلت أحلم بأن تتبنى شركات صناعة الدمى مشروع تصنيع نسخ مصغرة منه حتى أتمكن من تعليق إحداها على دراجتي الـ "سبارتا غزال" الفاتنة (أسعار النفط اللعينة لا تسمح لي باستخدام السيارات هنا) أو أن تكمشه السماء وتجعل منه كائنا صغيرا كما السيدة ملعقة "مــــد ظلها الوارف" أو كعقلة الإصبع برقوق (رضي الله عنه)... آآآه كم ستعجبني كرشه المدببة ولحيته الطويلة وثوبه القصير لو كان بحجم الإصبع!!! أقسم بأنها ستحقق إيرادات أكثر من الفاجرة باربي والعاهرة براتز بل وحتى أكثر من المؤمنتين "أمينة" البوسنية و"سارة" الإيرانية،،،

تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة

الاثنين، أغسطس 29، 2005

شمران وأعمدة الحكمة السبعة



ربما لم يحن الوقت بعد إلا أني لا أمتلك القدرة على كتم هذا السر أكثر، فبعد خمس عشر عاما من الكتمان ما عاد لي جلد عليه. ليلة البارحة زارني في الحلم مرة أخرى،،، وجهه القمري قصيدة شعر منظومة بتجاعيد الشيخوخة،،، عيناه وجه الرب،،، شمس الأصيل،،، ضوء في نهاية طريق النضال الطويل.. صوته لحن إكزوتيكي كئيب يأخذني عنوة لليالي البحرين الحارة،،، للياليها الحزينة المضجرة ليبكيني ضحكا ويضحكني حتى الجنون،،، جنون العاشقين! البارحة جاء ليذكرني بأني مطالب بإذاعة السر حتى لا يموت وها أنا ذا ألبي دعوته الكريمة فأجرح وجه الصفحات بحروفي...




-1-


شمران ما ترك من أبيه مغدى ولا مراحا فقد كان شبيهاً بوالده الشهيد الأول كحيلان (رض) حد التطابق خلقاً وخُلقا، بل ربما فاقه شجاعةً وكرما (حيث أن كحيلان - رحمه الله - كان لا يخلو من نذالة وشيء من بخل وخسة فما كان يقري الضيف حتى لواسة إلا أنه كان عالي الذروة سني الحسب باذخ الشرف!) وما ذلك الشبه بالمستغرب فكما قالت العرب قديما "على أعراقها تجري التيوس".


شمران – كشأن الكثير من أقرانه وأخيافه – نشأ يتيماً إلا أن يتمه لم يؤثر في نشأته وتربيته أو على تحصيله الدراسي والعلمي فقد كان ينجح في كل عام بتفوق في مادتي التربية البدنية والفنية وإن كان يرسب في باقي المواد بتفوق أيضا! فبعد تعب ونصب أتم شمران دراسته - وما كاد أن يفعل لولا ألطاف ربك وأعطافه - فخرج إلى سوق العمل ليصطف في طابور العاطلين خلف تيوس عربية وأخرى باكستانية وسودانية لها الأفضلية في العمل لما لا يخف على أي خبير في شؤون الماعز من جودة تلك السلالات وقدرتها على التناسل والتكاثر، إذ أنه لا هم لها غير ذلك. ولو كان – دام بقاءه – مصطفاً في طابور "خباز القفول" بعد صلاة المغرب لوصل إليه الدور إلا أن طابور العاطلين هذا لا يتحرك ألبتة وعبثاً كان انتظار شمران ومن معه ما دفعه وآخرين للبحث عن لقمة العيش بطريقة أخرى فما كان منه إلا أن أقال عقاله وأسدل غترته وأطلق لحيته وحسن فعاله وانتظم في دروس حوزة محلية عله تُقدس أسراره كالآخرين ويصبح من المتخمين أو من قادة المجتمع ورؤسائه المنتجبين. وبعد عام كامل من النوم في حلقات تلك الحوزة بدأت تتفتح أبواب الجنان لشمران حتى أنه كاد أن يشم ريحها، فبالرغم من أنه لم تُقدس أسراره أو تمتلئ جيوبه وتتفتق أزراره إلا أنه بات يشار إليه بالبنان ويفسح إليه في المجالس وله دائماً مركز الصدارة فيها وصار لا يجالس إلا الأعيان، كل هذا وهو لم يقرأ سورة الإنسان بعد فماله وسورة الإنسان وهو تيس بالأساس؟!

-2-


في فترة التسعينيات وأحداثها الدامية تمرد شمران على رأي شيوخه ونظر للثورة بل وأصبح من قادتها مستثمراً استشهاد والده وصوره التي ملأت حيطان البحرين من أقصاها لأقصاها، فماكان من قوات "الشغب" إلا أن أحاطت منزله وألقت القبض عليه وجرجرته خارجاً دون أن تعطه فرصة لربط "دكة" سرواله أو تبديل "فانيلته" البيضاء المثقوبة عند الصدر بالجهة اليسرى ولا حتى أن يخلع فردة الجوراب التي كان يلبسها في قدمه اليمنى ولا أن يرتدي الفردة الأخرى. وبعد ثغاء ورغاء - وبعض مواء حتى - ونطح وترفيس تمكنت قوات "الشغب" منه ورموه بداخل الجيب رمية الكلاب إلا أنه أبى إلا أن يرمى رمية "تيس سيد" ففعلوا بل وجلسوا فوقه فغابت أنفاسه حتى كاد أن يفارق الحياة لولا أنه تذكر أن هذا أخف عليه من ثقل ذنوبه يوم القيامة فبكى من خشية ربه ... أو هكذا زعم! وبعد رحلة ما كان يظنها تنتهي وصل به الجيب إلى مركز التحقيقات حيث استقبله "عتوي" من "عتاوية" النظام له شوارب كجناحي نسر أفريقي مصاب بالصرع وعينين قد خاصمت إحداهما الأخرى فانتبذت منها مكاناً قصيا، قصير القامة دحداح إلا أن يداه طويلتان عليها عشر أصابع الواحدة منها كيد هاون صدئة! كان ذلك الرجل يزبد ويرعد بلهجة من لهجات أقوام بادوا لم يفهم منها الشيخ شمران شيئا إلا أنه ما إن سمع هيعه حتى ارتعدت فرائصه وانتفخت مساحره ونزل الرعب في قلبه، فخاطب نفسه محاولاً تهدئتها بأن هذا المحقق مهما كان شديداً فهو أخف بأي حال من الأحوال من منكر ونكير فهما بلاشك أكثر المحققين إثارة للرهبة في القلوب، فما إن هدأ روعه بتلك الكلمات التي تلقاها من نفسه حتى صرخ به ذلك الرجل الدحداح "شنو إسمك؟" فخر شمران صريعاً من توه وبدل رأيه في منكر ونكير وظنهما أرحم من هذا ا لحقير!



-3-


بعد أن أفاق شمران من سكرته وبعد أن بعثت به الروح من جديد وهو الذي أوشك ظله أن يضحو وبدا وكأنه قد انقطع إلى دار البقاء من وقع تلك الصيحة ... حاول عبثاً الإجابة على السؤال:


- أأأ ... إسمي كككـ كمران ... لا لا ثمران ... أووه حمران



فصرخ به الدحداح أخرى:

- أوقف عدل ورد يا حمار


وقد غاظ شمران أن يوصف بالحمار فاستورى غضبه وهو ابن الكريهة إذا ما اشتد غضبه، فرد على الدحداح دونما خوف أو فزع ... أو هكذا زعم وادعى:


- لو سمحت أنا مو حمار ... أنا تيس لا وسيد بعد!


أما الدحداح فما إن سمع تلك الكلمات من شمران – مد ظله – حتى بدأ يزفر من الغضب وينفت من الغيظ وأخذ ينظر إلى شمران بعينين يتطاير منهما الشرر، فخاطب شمران نفسه وقد هتك الخوف قميص قلبه:


- الآن "قُدس سرنا" ... الآن "على مقامنا" ... الآن "راحت على أمنا"


بعد ساعات أفاق شمران في زنزانة ظنها القبر وقد ضغطه، ولا علم له بما قد حل به بعد تلك الكلمات التي ألقاها على الدحداح فقد انسلت تلك اللحظات من ذاكرته دونما سبب يعيه. وكان – أعلى الله مقامه - قد اعتلت صحته وأصبح مردوعاً يشتكي الآلام في سائر جسده وبالأخص أسته التي كادت تنير زنزانته من شدة احمرارها!





-4-


قضى شمران وهو على حاله تلك أيام وليالي عدة ما كان يقوى فيها على الصلاة إلا منبطحاً على بطنه مفرجاً بين ساقيه فقد تقرحت إليتيه وغزتهما الدمامل والقروح. فلما وجدوه وما به حبض ولا نبض وقد أشرف على التلف وكاد أي يبلغ منه نسيسه حملوه إلى مستشفى خاص لإمثاله من المجاهدين الذين أجهدهم التعذيب، فعولج موضع إصاباته بفوط نسائية سورية الصنع رخيصة الثمن عليها بعض قطرات من مادة مطهرة على الأرجح أنها ديتول (أو سافلون على رواية ضعيفة السند!) حتى من الله عليه بشفائه وليته لم يفعل إذ أن شفاء شمران أدخله في حلقة جديدة من حلقات التحقيق مع الدحداح وزبانيته. فما إن وصل من مشفاه حتى أُستدعي مرة أخرى وأدخل في غرفة خافتة الأضواء نتنة الرائحة وأخضع لتحقيق شامل.


شمران كأبيه - رحمة الله عليه - بطل شجاع ثابت الجنان رابط الجأش لا يخش تحقيقات ذلك القزم الأحول ولا يديه الطويلتين ولا حتى تلك الأنابيب البلاستيكية السوداء التي رقصت "الليوة" على أسته بالأمس القريب. فبالرغم من كل ما مر به من معاناة وتعذيب وبالرغم من وجع مؤخرته التي لم تبرأ بعد والتي لا يكاد يرفع يديه من عليها، بدا متماسكة أثناء التحقيق بل وأظهر فكه أخلاقه وخفة ظله عندما سأله الدحداح:

-ها "مُلا"، إنت جمري لو مدني؟


لم يعجب شمران وصف "مُلا" الذي وصفه به الدحداح وهو الذي يرى نفسه على أبواب الاجتهاد، فأجاب باستخفاف:


-لا مو مدني ... أنا عسكري!


فامتعض الدحداح واستشاط غضبا فأمر بشمران فنتفت لحيته وضُرب ضرباً لم تضربه "وزغة" حامل وقد ضبطت بالفعل المشين بالقرب من مصباح على حائط حي بحراني فقير! فلما استوى في أيديهم كقرص "شباتي" أبيض أعادوه إلى الدحداح لحلقة تحقيق أخرى، ولكن شمران مضطلع بالشدائد لا تروعه النوائب ولا تنال من صبره الملمات فلما وجده الدحداح كذلك صرخ بمن معه:


-يييـــــــــبو القرشة...



-5-


و "القرشة" تلك جهاز تعذيب ذا طابع إيروسي عنيف - وإن كان للناس به مآرب أخرى - ويقال إن أول من اهتدى إليه هم قوم لوط ومنه أنواع وأصناف كثيرة، صغيرة وكبيرة تتراوح أحجامها بين "قرشة فلفل كرستال" صغيرة الحجم إلى "قرشة" خل كبيرة!


فلما جيئ بـ "القرشة" فارغة (وهو الذي ظن بأنهم إنما أرادوا سقايته قبل ذبحه) فطن شمران إلى ما يرمي إليه الدحداح فضم ساقيه وبل ثيابه وارعشت مفاصله وأرعدت خصائله وفتح عينيه دون أن يطرف موجهاً نظره صوب "القرشة" الخضراء وهي تقترب منه شيئا فشيئا وهو يجري حسابات على الحجم والكتلة! عندما صار بينه وبين "القرشة" بضع سنتيمترات واتضح له بأنها "قرشة سفن آب" صاح بالدحداح راجيا:

- زين جيب غرشة بيبسي من لصغار يالظالم!!!


فلما أدرك شمران أن لا أمل من الدحداح ولا طائل من رجائه ... تلجلج منطقه واصطكت أسنانه وصرخ بصوت متهجد مؤمن خاشع:

- مــاء مآآآآآآء امباع ... الموت أولى من ركوب الــعار!


فتناوشه رجلان من فصحاء القوم وصاح به أحدهما:


- ألهين يشوف إنته في يسوي إئتراف لو ما فيه.

وكان يقصد بأنا سنرى الآن إن كنت تعترف أم لا.


نزع سروال شمران وبانت عورته فانهملت عبراته على شرفه المضيع وضحكات الدحداح تملأ المكان ضجيجاً وهو يتغنى ساخراً بصوت كله نشاز:


- بينت لي كربله وهلت الدمعة ...


جُر شمران إلى حيث "القرشة" وهو يصرخ ويستنجد ويستغيث تارة ويسب ويشتم تارة أخرى:


-سيبووووني .... سيبوني يا ولاد الكلب إنتو فاكريني آيه؟!!


(إذ أنه كان متأثراً إلى حد ما بالأفلام المصرية!)


وما إن وصلوا به إلى حيث موضع "القرشة" الخضراء حتى فرقوا بين رجليه إلى أن سُمع صوت تمزق أربطته فصرخ كهندية تصارع آلام المخاض دون أن يكترث لصراخها أحد. فلما أحس بحرقة "القرشة" وهي تلج به نسي الألم وجاش بصدره الحزن واعتلجت به الهموم فأغشي عليه ولم يفق إلا وساقيه قد تنافرا كقطبي مغناطيس متشابهين.


شمران ما عاد يكترث لشيء بعد أن انفضت بكارته وهتك ستره واطلع الأغراب على أقدس قدسه، فباءت محاولات الدحداح، للضغط عليه، كلها بالفشل إلا أن هذا الأخير لم يفلس بعد فمازال بجعبته الكثير مما لم يره شمران في أسوء كوابيسه، ففي ليلة ظلماء خاصمها القمر واعتزلتها النجوم أمر بشمران فجعل وجهه في قبالة الحائط وكان – مــد ظله – لا يقو على ضم ساقيه (لما جرى عليه في الليالي السابقة) فعاجله بركلة بينهما، طالت منه موضع القرنفيش فانثالت رجولته وانتفخت كراديسه وتضخمت حتى غدا كبقرة هولندية مُرضع! ومنذ تلك الضربة وشمران بض الملمس رخو المجسة في مشيته الكثير من الغنج والدلال والعلكة لا تفارقه حلقه بل وأن أحب الأشياء إلى قلبه الآن هي "قرشة السفن آب" التي لا يلبث يوم أو يومين حتى يشتد عليه الوجد ويحن للقاها فيختلق له حادثة يغيظ بها الدحداح حتى "يعاقبه" بجلسة طويلة ولذيذة على تلك "القرشة". حتى فطن الدحداح إلى أمره وقال:


-طع ذيييي ... في دودة الملعون!!!


-6-


الدحداح لم يشذ عن أمر رفاقه من رجال النظام وزبانيته فقد كان، كما هو متوقع، سادي يعشق تعذيب الآخر وحرمانه مما يحب. فما إن رأى تعلق شمران بـ "قرشته" حتى قرر حرمانه منها بل ومنع أن يُدخل إليه في زنزانته أي جسم مدبب! فترجاه شمران وتوسل إليه بل وتضرع حتى أنه أبدى استعداده لتقبل "قرشة" خل من النوع الكبير أو "قرشة ماي ورد" على أن تكون من نوع " گلاب ربيع" أو أي جسم آخر حتى وإن لم يكن منتظما! ظل شمران يترجى وهو يرصد برق الآمال لكن من دون طائل فالدحداح قد أعرض دونما اكتراث لحاله حتى وصل الحال بشمران لاعترافات مزورة على أصدقائه وجيرانه بل أنه أفشى حتى أسرار عائلته وذكر كيف أنهم ضبطوا اخته الوحيدة – الحيزبون – وهي في معمعة محادثة غرامية ذات طابع منحرف مع تيس سعودي يعاني من التخلف العقلي والتأتأة.


لم يبق شمران على حاله تلك مع الدحداح سوى أيام معدودات حتى جاءت فترة ما يسمى بالمبادرة فهطل الغيث وعم البحرين هدوء وسلام وأُطلق سراح شمران وكثير من من معه، فاستقبل في قريته استقبال الأبطال وحُمل على الأكف والأكتاف فسر لذلك واستبشر وعاش أسابيع هي من أجمل سني عمره إلا أن أمر أبنته - التي أصيب بها جراء ما جرى عليه في المعتقل – لازال يشغله ويقض عليه مضجعه بل أنه غدا يتحاشى دخول الحوانيت فهو إن فعل ووقعت عيناه على "قرشة سفن آب" ارتبك وارتعب وسقطت الكلمات من فمه وسال لعابه وفغر فاه وصار لا ير سواها بل أنه في إحدى المرات توجه نحوها عازماً على الشر لولا أن أمسك به من كان حوله في الحانوت! فلما وجده أصحابه وقد على أنينه واشتد وجعه وكاد أن يفتك به وجده أشاروا عليه بالعلاج عند عطار (حواج) متخصصة في علاج مثل تلك الأمراض وقد شُهد له بالخبرة والعلم في هذا الباب.


قبل شمران رأي أصحابه وتوجه للمنامة باحثاً عن العطار فلما وجده احتار كيف يخبره بأمره وبلاه فلجأ لاستخدام الفصيح من اللغة كباقي المشايخ من أمثاله حتى لا يحرج نفسه، فخاطب العطار قائلا:


-حجي، ألاقي عندك دوه للأبنة


فرد العطار وعلامات التعجب قد ارتسمت على وجهه


-وهي ويشو بعد؟!


شمران: حكة في الموضع ... تكرم!!!

العطار: إإإيه هالمرض المقرود داير هالأيام حتى ما تشوف لصبيان إلا كله متقالصين!!!


ولم يفته أن يعقب:


-لكن هذا كله من غراش الفلفل اللي تقربعونها


فرد شمران بانكسار:


-لا حجي هذا من غرشة سفن آآي!! (فشمران لم يعد يطلق عليها سفن آب بعد ما أصابه منها وإنما سفن آآي)


لم يشأ العطار أن يطيل الجدال حول سبب ما يعاني منه شمران فغير مجرى النقاش:


- لوّل كانوا يعالجونه بماي لرجال بس ما فاد لأني أعرف واحد كانوا يجيبون له ماي لرجال من الهند بس مات ولا بره، هذا ياولدي دواه مر؟!ا


شمران: إللي هو بس أنا افتك من هالبلوة.


فأشار عليه العطار بـكي الموضع وبعد تمنع وتردد فعل ومن الله عليه بالشفاء وعاد كما كان فحلاً مكتمل الرجولة أقصد "التيوسة" دون حكة أو "دودة" حتى أنه تمتع نصف غنمات الحي مما أثار موجة من ا لرعب في أوساط باقي التيوس التي باتت تستشعر نقص في تيوستها مقارنة بشمران الذي ترتمي الحسناوات بين ذراعيه دون سبب يعرفونه غير تخصصه في باب الأنكحة.



-7-


شمران الفطن الزكن يكتفي بالإشارة ويجتزئ بيسير الإبانة، لم يفته أن أمر تلك المبادرة لن يطول وسرعان ما ستسوء الأوضاع ويعود النظام إلى ما كان من ظلمه وبطشه، ومعارض بوزن جنابه سيكون بطبيعة الحال على رأس المطلوبين لأمن الدولة وكلاب المعتقلات فقرر الهجرة إلى حيث الحرية والخلاص. فاحتار بين قُم وعلمها الجم وبين لندن ودعوات المعارضه له هناك بالانضمام إلى صفوفها فاختار الأخيرة ربما لأن في قم حرية بينما في مدن الضباب حريات!


حجز شمران على أول طائرة متجهة إلى لندن ولسوء حظه - أو لحسنه - كانت تلك أول مرة يركب فيها طائرة حتى أنه – أعلى الله مقامه – كان يعتقد بأن توزيع الكراسي على الطائرة يتم على قاعدة "من سبق لبق" كما في باصات النقل العام التي تعود التنقل بها، فأسرع بالدخول قبل الآخرين وجلس في مقدمة الطائرة بالقرب من النافذة وأجهد المظيفين والمظيفات حتى اقتنع بفك الارتباط عن ذلك الكرسي الذي استولى عليه فكل ما دعوه للإنسحاب أجاب:


- أنا جاي قبل ... تشيفة هي واسطات يعني؟!! لا ويقولن لندن وحرية ومساواة بعد!!


بل انه – عفى الله عنه - لم يكن يدر ما يطلق على المضيفات إن هو أراد نداء إحداهن، فخاطب واحدة:


-سيستر ... سيستر


(فالمرة الوحيدة التي خاطب فيها شمران امرأة أجنبية كانت في المستشفى حيث تسمى الممرضة "سيستر")


فاستدارت إليه وهي ترمقه بشزر وتقزز:


-يس؟!


فطلب منها عصير (بلغة ظنها انجليزية على ما يبدو)


-أسير بليز


فرمت عليه علبة عصير ظل يرضع منها حتى انخمد ونام ولم يصح إلا والطائرة قد حطت على أرض الأحرار.


استقبله بإرض المطار "أبو أيل" (وهو معارض أشهر من أن يعرف به) حسن المظهر معسول الكلام أحسن استقباله وخلص أوراق لجوئه وأوصله إلى حيث مقر المعارضة فاحتفى أفراد الجالية بشمران أيما احتفاء وأقاموا المأدبات على شرفه حتى غدا مكتنز اللحم غليظ الربلات.



-8-


شمران ما إن شم ريح الحرية وذاق طعم الانعتاق حتى انقلب من تيس طاهر الديل عفيف الدخلة عزوف عن الفحشاء إلى فاجر فاسق فاحش اللسان بذيء المنطق، فحلق لحيته ورمى غترته وعاث في شوارع لندن وأزقتها فسادا فاشتهر وذاع صيته بين حسناواتها حتى أن الواحدة منهن كانت تفاخر زميلاتها بمعرفته!! وقد أخبرني أحدهم بأنه ضبطه يلاحق حسناء شقراء عند أطراف "سوهو" وفي يده قنينة من شراب "تانجو" البرتقال، وهو يرتجز رائعة مهدي سهوان:


-دعني أشم صدرك يا ذا الفؤاد المجزع ... أقبل النحر الذي سيرتوي من...

فلما سأله عن فعله ذاك ادعى بأنه إنما كان يحاول جذبها إلى مذهب آل البيت عن طريق إطرابها بفقرات من قصائد رائعة كتلك وهو – حسب زعم شمران – أسلوب ناجع ومجرب!


أما أساطين الجالية وقادة المعارضة هناك فما إن وصلهم ما كان من أمر شمران حتى ثار كمين ضغنهم وبعثوا دفين حقدهم وغدا الواحد منهم يُشرب الآخر عداوته ويوغر صدره عليه كل ذلك ظلماً وحسداً من عند أنفسهم لشمران وكيف لا وهو الذي سجل فتوحات بحرانية مهمة في بضع أسابيع بينما عجزوا هم عن الإتيان بمثلها في سنوات! حتى أن شمران عادة ما يستشهد بقول "أبي أيل" له عندما لاقاه عند "البكيدلي" وهو بصحبة فاتنة من آل روتشفورد:


-ياليتنا كنا معكم ثم يا ليتنا كنا معكم.


بل وحتى السيد "الآلوجي" وهو المفكر المعروف والأديب الشهير كان عادة ما يمسح على كرشه ويقول "هنيئاً لك يا شمران فقد أوتيت خير الدنيا والآخرة"


ولم يكن كل فعل شمران دليل تفسخ واستهتار أو دعارة وعهارة وإنما كان فعله – أعلى الله مقامه - اجتهاداً كما أخبر، فشمران ليس جاهلاً بالدين وعلومه فهو ابن الحوزة وربيبها فإلى جانب كتابي التبصرة وكتاب آخر نسي اسمه قرأ نحو نصف كتاب من كتب أركون ومقدمة للجابري وموضوع في نشرة اسمها اسلام 21 كانت تصدر هناك، فأجاز لنفسه أمور بحكم تغير الظروف الاجتماعية والموضوعية بين البحرين ولندن. فهو إن أصاب فله أجرين وإن أخطأ فله واحد وهذا ما كان يعنيه سماحة السيد "الآلوجي" عندما أخبر بأن شمران قد أوتي خير الدنيا والآخرة.


واستمر شمران على ذلك أشهر عدة حتى أوشك أن يصاب بالعنن لولا أنقذه أحد الإخوة السلفيين المقيمين في لندن بـ "دهن الخرتيت" المجرب والمعروف لديهم إذ أن لأولئك – أعني أهل السلف في لندن وضواحيها - باع طويل في الدعوة والإرشاد على طريقة شمران!!!


بعد قرابة الخمس سنوات من انقطاع شمران عن التعامل المباشر بالسياسة وانغماسه بأمور الدعوة وهمومها طرح في البحرين مشروع ميثاق العمل الوطني فسمع شمران بأمر الحراك السياسي الجديد في البحرين وكسر الجمود السائد منذ عدة سنوات فاشتاق للانخراط في سلك المعارضة من جديد فهو معارض بطبعه فعاد والتحق بالقادة في لندن ولكنه عندما زار مقرهم هناك وجد أن جلهم أقفل عائداً للوطن فحن للعودة هو الآخر لو لا أن رأى "قرشة سفن آب" ملقاة على الأرض بالقرب من المطبخ أعادت إليه المعنى الحقيقي للوطن كما كان قد ارتسم في ذاكرته ولكنه وبالرغم من ذلك لم يخف حنينه لهما - أعني الوطن والغرشة - فمسح برقة عليها وسال هيدب دمعه وقال:


-وما حب الغراش شغفن قلبي ولكن ...


(بيد أني أظنه كان يحاول أن ينفي التهمة عن نفسه بالبيت الذي ارتجزه!)



-9-


اطلع شمران على مشروع الميثاق المزمع طرحه على التيوس المستضعفة للتصويت فلم يجد بداً من معارضته من أصل ديباجته حتى آخر نقطة بعد آخر سطر من أسطره وتوقع أن يفعل الناس كذلك، إلا أنه صدم عندما عرف بأن جل القيادات السياسية في الداخل وبعض الذين بالخارج مؤيدة للتصويت بـ "نعم" ... اغتاظ شمران وتنمر - أو تتيس – فأي نعم هذه ودم كحيلان لم يجف بعد؟؟؟ أي نعم هذه وأنا لازلت لا أقو على الجلوس كتيس محترم ... أي أي وأي؟؟؟؟ أصدر بياناً يدعو التيوس للامتناع عن التصويت والمطالبة بالحقوق المسلوبة وبمحاكمة الدحداح ومن وراءه إلا أن آخرين على أرض الوطن دعوهم للتصويت بـ "نعم" دون شرط أو قيد وبدا واضحاً ميل الأكثرية لرأي هؤلاء، فبكى شمران بكاء الثكالى وقد أحس بأن كل التضحيات قد بيعت بجرة قلم. إلا أن رفض شمران لم يدم طويلا ففي تلك الأثناء تفجرت عبقرية السيد "الآلوجي" عن نظريته التي حفرت اسمه على صخرة التاريخ، فبعد ان التقى شمران السيد "الآلوجي" للمرة الأخيرة في لندن وبالقرب من محطة "كنز كروس" بالتحديد حيث كان يقضي – أقصد شمران - جل وقته هناك بصحبة بعض الظرفاء من الحشاشين والمتشردين الذين لم يخفوا اعجابهم بشخصية شمران وفكره وأساليبه الدعوية الرائعة، عندما التقاه هناك أخبره عن نظرية (الآلوة الحارة) التي أوحيت إليه مؤخراً.


بالرغم من أن الدعوة ما زالت في طورها السري إلا أن السيد "الآلوجي" ارتأى أن يخبر شمران بها إذ أنه كان يعتبره من عشيرته الأقربين على ما يبدو! فما إن تلقى شمران أصول تلك النظرية وفروعها حتى بات من أشد المؤيدين للميثاق ولما سمي بالمشروع الإصلاحي في حينها، فشد رحاله عائداً للوطن إلا أن جماعة، من خمسة أشخاص يتوسطهم رجل سمين، ممن بقوا على معارضتهم في الخارج استوقفوه عند خروجه وصاحو به:


-يا رايح وين مسافر تروح تعيا وترد لي


إلا أن شمران، ككل من آمن بنظرية "الآلوة الحارة"، كان قد أصابه شيء من الغرور والعجب فصاح في سمينهم:


-أوم أوأف وانته بتكلمني


ودفر الباب وخرج دون اكتراث لرأي هؤلاء.


عند وصول شمران لأرض المطار استقبل استقبال الأبطال حيث كان بانتظاره هناك عشرات الآلاف من التيوس والأغنام، عربية وغير عربية، شدت الرحال من أصقاع البلاد لتحيته حتى أن أحدهم وكان يدعى "موهن" وهو من أصول هندية ما إن وقعت عينيه على شمران حتى صرخ:


-شمران ... شمران


فأجابته الجموع


-زنداباد


وظل هذا نشيدهم ("موهن" يصرخ "شمران ... شمران" وهم يجيبون "زنداباد") إلى أن وصلوا به إلى باب حضيرته.






-10-


بعد أن استقر شمران في البحرين أسبوع أو نحوه وبدأ عدد زواره بالتناقص والاضمحلال ووجد نفسه دون عمل أو وظيفة، خشي أن يصطف في طابور العاطلين مرة أخرى وأن يعيد التاريخ عليه نفسه، فخطر بباله طلب المساعدة من أحد المشايخ، لم لا وهو تيس سيد وله في ذمة هؤلاء حقوق، فطرق باب أحد المشايخ من ماركة "وانكحوا ما طاب لكم" وسأله العون فتبسم الشيخ ابتسامة شريرة ورجع إلى الوراء ثلاث خطوات كراقصة "باليه" رشيقة (حتى أن شمران تساءل في نفسه عن ماهية تلك الحوزة التي تخرج منها هذا الشيخ وظن أنها لاشك فرنسية أو روسية) واصل الشيخ خطواته الرشيقة للوراء واعتلى "مسندين" كان قد وضع الواحد منهما على الآخر لسبب ما، وما إن استوى الشيخ عليهما حتى فتح بشته فكشف عن كرش شحيم تتوسطه سرة سوداء عميقة كبركة صيفية حتى أن شمران ظن أنه رأى أشياء تسبح فيها ... رفع الشيخ جُبته وكشف عن ساقيه ومد إحدهما كمنقاش خباز باتجاه شمران فطار عليه كـ "جيم سوبر فلاي سنوكا" ورفسه رفسة فأرداه فارتمى أحد الملالي المرافقين للشيخ وثبته ثلاثاً!!!


بعد ما جرى على شمران في لقائه المشئوم بالشيخ يئس من هؤلاء وانقطع منهم أمله فارتأى الاتصال بالملأ الأعلى عن طريق السيد "الآلوجي" الذي غدا بفضل نظريته "الحارة" واحداً من هؤلاء، فحاول جاهداً لقاءه إلا أن هذا الأخير كان قد دخل في زمن غيبته الصغرى (أو لربما الكبرى، الله أعلم) وصار لا يلتق إلا ببعض سفرائه. فأشاروا عليه أن يراسله عله يجيب، فكتب إليه:



حجة الله "الآلوجي" دام بقاءه،

مآآآآآء عليكم ونطحة وبركات وتحيات تيسية خضراء رطبة ... سيدي ومولاي ومأملي في دنياي، لأي الأمور إليك أشكو ولما منها أضج وأبكي أ للدحداح و"قرشته" أم للجوع وقرصته أم للشيخ ورفسته؟!!


سيدي لقد صيرني الجوع من تيس سمين عبل إلى آخر نحيف شخت حتى أن صغار الحي لا يسموني إلا "ترن ترن" فهل تكرمت علي بجودك ووظفتني مع بعض أحبائك وجنودك؟


تحيات أحر من آلوتك،

شمران كحيلان التيسي




-11-


عندما استلم رسالة شمران، كان السيد "الآلوجي" قد فرغ للتو من التهام هامور صومالي "مصرقع" أهدي إليه من قبل جماعة مؤمنة بنظرية "الآلوة الحارة" تستوطن جمهورية أرض الصومان وتتخذها منطلقاً لنشر دعوتها في ربوع أفريقيا السمراء. وما إن اطلع على ما في الرسالة حتى انهار وبكى بكاءً سالت معه "سناسينه" وغدا مريضاً عليلا لا ينطق إلا اسم شمران دون أن يدرك الأطباء ما ألم به، فأشار على أهله صديق لهم أن ينتدبوا من يأتيهم بثلاث نساء متخصصات في مثل هذه الحالات الغامضة، ففعلوا.


وفي مشهد مليودرامي ممسرح و"الآلوجي" ممدد على سريره ليس عليه من الملابس سوى "هاف طق طق" طويل - من إرث أيام المعارضة الباسلة في مدن الضباب - ودخان البخور و "الشبة" و"النقضة" يملأ الغرفة، دخلت ثلاث نساء سود من طراز "أم هلال" (إحداهن من الزلاق والأخريين من البديع) وأصوات الدفوف تخترق المسامع برتم شجي وألحان حزينة تتفطر لها القلوب (وربما تتسحر أيضا) وهن يرددن "حُمُمو... حُمُمو... يا شمران حُمُمو ..." وهكذا دون أن يدرك أحد من الحاضرين معنى تلكم الكلمات التي كن يتغنين بها والتي كانت على ما يبدو بقايا لغة أفريقية جاءت معهن من حيث جئن!!! تتسارع ضربات الدفوف ويتسارع معها رتم اللحن الذي كن يرددنه مع بقايا أصوات في المؤخرة تصيح "الله حي ... الله حي" وثلاث نساء يرقصن في دوائر صوفية بشكل هستيري ويزداد دخان البخور والنقضة والشبة كثافة وتزداد الضجة فيُخرج "الآلوجي" صوتاً غريبا من حيث لم يتوقع أحد فتختلط الرائحة برائحة البخور فيغمى على إحدى النساء (وهي الزلاقية على ما يبدو) فتصمت الدفوف وينقشع الدخان وإذا بـ "الآلوجي" واقف في وسط الغرفة نافخ كرشه وقد جاش مرجل غضبة وهو يصيح بمن حوله:


-بره يا حوش ... بره يا كلاب


إلا أن "الآلوجي" – دام عزه – بعد أن أفاق من سكرة مرضه نسي ما كان من أمر شمران ورسالته، وبقى هذا الأخير ينتظر على أمل جواب من قبل الأول لكن عبث كان انتظاره.





-12-


بعد أن يئس شمران من أمل الحصول على جواب من سماحة السيد "الآلوجي" – تقدست أسراره – حول اتجاه بوصلته بمقدار ست درجات وأربعة أعشار الدرجة باتجاه رفيق نضال آخر من زملاء الغربة اسمه "أبو أيل"، صارت له حظوة عند الملأ الأعلى وأسس لجريدة "معارضة" أسماها "على بُرد"!!! كان "أبو أيل" بالرغم من اختلافاته الفكرية الحادة مع السيد "الآلوجي"، مؤمناً بنظرية "الآلوة الحارة" عملياً فخلافهما –رضي الله عنهما– إنما كان حول بعض المواد الفرعية للنظرية وزعم "أبو أيل" تنزلها عليه دون الأول.


دخل شمران مقر الجريدة المباركة وقد قصفه الجوع وغادره عظاماً تتقعقع، جاحظ العينين مقوس الظهر كهلال ليلة الشك أو لربما أدق وأنحف، وكان – تقدست أسراره – مرتدياً "فانيلة جاسم" سوداء مدلوعة الياقة عند الرقبة وشسعي نعل "زنوبة" خضراء كان قد أفتى لنفسه بجواز سرقتهما من على باب مسجد للاضطرار. قصد شمران بحاله تلك مكتب "أبي أيل" فسأل السكرتيرة مقابلته:


-ممكن أقابل "أبوأيل"؟


دخلت السكرتيرة على "أبي أيل" وأخبرته بأن أحدهم على الباب:


السكرتيرة:في واحد يبغى يقابلك؟


أبوأيل: من؟


السكرتيرة: ما ادري ... بس شكله طرار!!!


أبوأيل: زين اعطيه ربيتين وقولي له "الله يعطيك".



شمران قد حز في نفسه ما قد سمع من حديث السكرتيرة و "أبي أيل" فقاطع حوارهما بدخوله فالتقت العينان بالعينين وساد صمت غريب وباتت حركة الأشياء بطيئة بل هي أقرب للسكون ... لحظات من الصمت تتلوها لحظات ... فيُعزف لحن جنائزي حزين وقدم شمران كقلم "بنسل" في طرفه "طُبقة زنوبة" خضراء تتحرك حركة بطيئة للداخل وعيني "أبي أيل" تفيض بالدموع وشفتي شمران تترتجفان ... مزيد من المسيقى الجنائزية ... شمران (ولا زالت الحركة بطيئة) يقترب من "أبي أيل" ويمد يده المباركة إليه ...


شمران: شحوالك أستاذ ... شلونك ... كيفك؟؟؟

فيجيب "أبو أيل" بصوت "فيروزي" متهجد وقد سال هيدب دمعه فبل كريمته:


-كيفك انته ملا انته ... فاكر آخر مرة شفتك ...


فتقاطعه السكرتيرة ببكائها ... والمسيقى الجنائزية تملأ المسامع وتُدمع العيون وجمهرة من الموظفين تحتشد أمام الباب بمناديل بيضاء يلوحون بها لشمران ... تجهش السكرتيرة بالبكاء وتصيح:


- آآآآآآآآه ماني قادره ذبحتني يا شمران ذبحتنيييييي.


فيبكي الموظفون و"أبوأيل" وشمران معاً وتتوقف المسيقى ويختتم المشهد.



-13-


بعد إن انفض المأتم الذي أقامه "أبوأيل" لاستقبال شمران، تبادل الإثنان أطراف الحديث برهة من الوقت فشيع الأول الأخير إلى الباب بعد وعود وعهود وأيمان مغلظة بأنه سينتشله من فقره وعوزه كانتشال ذبابة كانت قد نفذت عملية "كمكازية" انتحارية في كاس شاي باردة!!!


غادر شمران مطمئنا لوعود "أبي أيل"، فهو الذي إذا واعد أوفى، ولكنه كان يتمنى لو أن "أبا أيل" عزمه على سندويتشة فول يتيمة بدل كأس الشاي المر الذي ما إن ذاقه حتى أخذ يشاكس "أبا أيل" ويحاول إحراجه:


-زين، مُر علينا ...


أبو أيل وكأنه لم يفهم ما كان يشير إليه شمران:


-إن شاء الله.


شمران أخذ الكأس ورشف رشفة بصوت مرتفع:


-المهم ... مُر


-14-


بعد خمسة أو ستة أيام من لقاء شمران بـ "أبي أيل" نشرت صحيفة الأخير لقاء مع الدحداح بزعم الوسطية ونقل وجهات النظر المختلفة والمتخلفة معاً على السواء وحجج أخرى كثيرة لا مجال لذكرها... شمران ما إن شاهد صورة الدحداح تتوسط الجريدة حتى أخذ يتحسس مؤخرته كمن كان يبحث عن شيء أضاعه فيها... لا لم يكن يبحث عن آثار لـ "قرشة" الدحداح بل لذيل أخرى ظن أنها قد نمت له جراء جرعة الاستحمار المركزة التي تلقاها من "أبي أيل" ومن لف لفه.


بعد كل الذي جرى على شمران من سجون ومعتقلات وتعذيب وتشريد وغدر رفاق وخيانة قضية، يئس من أي تحسن ممكن على مستوى الأوضاع السياسية فانسحب مضطراً من الساحة تاركاً المجال لتيوس أخرى لديها من الوقت الكثير لإضاعته ومن القوة أكثر لتحمل الدحداح و"قرشته". وبعد انسحابه من الساحة أسس شمران لامبراطوريته الاقتصادية بافتتاح شركة مقفلة (وكان لابد لها أن تكون مقفلة) باسم "شمران للختان وإعادة الختان" وكان تخصصه الختان على الموضة وبطرق جديدة مبتكرة حتى صار الواحد من أبناء الذوات يعاوده كل عام ويفاخر رفاقه بزيارته، ويذكر أن شمران أرسل رسالة لئيمة لكل من السيد "الآلوجي" و"أبي أيل" يدعوهما فيها لزيارة محلة والحصول على ختنة رائعة آخر موضة بأسعار مغرية.


آخر مرة شوهد فيها شمران هي قبل يوم أو يومين من مكرمة الخراف ويعتقد أنه كان من ضمن من ذهب ضحية تلك المجزرة البشعة حيث أن الناس غدت لا تميز بين تيس كريم سيد وخروف متخلف!!!



- تمت -


تحياتي،
حسن الخزاعي

الجمعة، أغسطس 26، 2005

ندوة لندن وأشياء أخرى



الضحكة والقشرة توأمان، فالأولى كالأخيرة تماما "تخفيها لا يكفيها، تلغيهـــا" ولكن مصيبة المبتلين بداء الضحك مثلي أنهم يحاولون عبثا إخفاء الضحكات إلا أنهم لا يمتلكون القدرة على إلغائها تماما ومواصلة حياتهم صمتا كما الآخرين، وهذا ما يوقعهم فريسة سهلة لقوانين "جمال داوود"* وأعوانه المنتجبين، فينتهي بهم الحال موصومين بالطائفية وتهديد الأمن القومي والتحريض على كره النظام وربما محاولة قلب نظام الحكم والتخابر مع دولة أجنبية!!! فتتبرع الفاتنة "بتلكو" بإغلاق مواقعهم هذا إن لم يسارع "أبوداوود" لإحالة أوراقهم للنيابة العامة للتنكيل بهم!!!

عندما لا يجد محرر الأخبار في صحيفة محترمة كـ "الأيام" تعليقا على خبر ندوة لندن التي استضافها اللورد إيفبوري تحت عنوان "البحرين ثلاثون عاما من الحكم غير الدستوري"، عندما لا يجد هذا الكاتب النحرير تعليقا على تلك الندوة غير الآتي:

يذكر ان بريطانيا التي‮ ‬تعرضت لهجمات دموية مؤخراً‮ ‬شرّعت قانوناً‮ ‬لمكافحة الإرهاب كما انها اصدرت قائمة اطلق عليها "السلوكيات‮ ‬غير المقبولة‮".‬ وتشمل قائمة‮ "‬السلوكيات‮ ‬غير المقبولة‮" ‬التعامل مع الساعين إلى تعزيز الكراهية أو الترويج للإرهاب وإرسال اشارات قوية إليهم بأنهم ليسوا موضع ترحيب في‮ ‬بريطانيا‮.‬ ويمكن بحسب الاجراءات الجديدة طرد أي‮ ‬مواطن أجنبي‮ ‬من‮  ‬الأراضي‮ ‬البريطانية أو منعه من دخولها لتفوهه بكلام‮ ‬يستوجب الادانة سواء كتابة أو بإبراز أو نشر أو توزيع وثائق تستوجب الادانة أو كلام علني‮ ‬أو على موقع للانترنت‮.‬

وعندما يذيل محرر الأخبار في جريدته شبه الرسمية، "أخبار الخليج"، تغطيته بـ:

ما يثير الشكوك حول أهداف ودوافع تنظيم مثل هذه الندوة سنويا في بريطانيا، ووطنية المشاركين فيها.

عندما يحدث كل هذا أشعر وكأن يداً "نحيسة"، آثمة تمتد إلى خاصرتنا الشريفة لتفتك بنا ضحكا، ولا أخفيكم بأني "انسدحت" وانبطحت و"تدحلبت" و"تنهنهت" و"تعفرت" ضحكا، لمدة ناهزت العشر دقائق وبضع ثوان، هذا الصباح عندما قرأت تلكم التغطيتين وليعذرني "أبا داوود" فلست ممن حبتهم السماء بالقدرة على كبت ضحكاتهم!

بعيدا عن الضحك الخطر الذي تسببه مثل تلك التغطيات وما قد يجره علينا من مصائب ونوائب إن هو أغاظ أبا داوود أو زعله... البارحة في محطة روتردام المركزية وقت عودتي للمنزل بعد يوم عمل طويل صادفت عجوزاً لا شك وأنها جاوزت المائة عام بقليل إلا أنها خرجت بكامل حيويتها ونشاطها وقد تزينت وتبرجت وارتدت ملابس وردية زاهية، بل أني شككت لحظة بأن في نظراتها شيء شقاوة وشبق!!! كانت تمسك في يدها حزاما جلديا قصيرا ينتهي طرفه الآخر في رقبة كلب أسود ضخم، ما إن رأتني حتى اقتربت مني وحيتني بغنج لا يليق بمن في عمرها قائلة "خويـا آفت" (بعد ظهيرة سعيدة بالهولندية) فرددت لها تحيتها بمثلها إذ أن لغتي الهولندية لا تسعفني لأن أزيد حرفا واحدا على تلك التحية، كما أن جوارحي كلها كانت مركزة حول ذلك الوحش الذي معها وقد اقترب من ساقي اليسرى يشمها بنهم... كل أصحابي ومعارفي يعرفون بأني أكثر خلق الله خوفا من الكلاب فأنا بمجرد أن يقترب مني كلب، وإن كان صغيراً ولطيفا كالكلاب المالطية، أصاب بما يشبه الشلل الرعاشي والخرف المبكر وبدايات الإسهال والسلس اللا إرادي وتبدو علي بوضوح آثار دوار البحر وآلام هي أشبه بآلام الولادة المبكرة، فتحوّل عيناي وتلتف ساقاي وكأني مصاب بحصار شديد،،، فأبدأ أتحدث في أمور ليس لها أي معنى وأتفوه بكلمات ليست في أي قاموس!!! واصلت تلك العجوز محاولاتها معي معتقدة بأن خوفي وارتباكي ليس إلا خجل منها إذ أنها لا شك تحسب نفسها فاتنة مثيرة،،، بين الفينة والأخرى كانت اللعينة تبل شفتيها بطريقة مقرفة وهي تنظر إلي بفجور... كلبها، هو الآخر فاسق منحرف فقد أثاره أمر ما بحذائي فاقترب منه وأخذ يحك جسده به بطريقة شبقة مثيرة للتقزز وهو يصدر أصواتا غريبة كأصوات من يعاني من إمساك شديد،،، تلك العجوز اللعينة عندما رأت موقف كلبها الشاذ من حذائي المغري قالت لي أشياء بالهولندية إلا أنه ولحسن حظي لم أفهم منها شيئا إذ بدت لي وكأنها جمل فاحشة الفجور!

في المقعد المجاور كانت تجلس أم شابة وطفلها الذي لم يتجاوز الثامنة بعد، التفت الكلب الشاذ لحذاء الطفل فاقترب منه وفعل الشيء ذاته الذي كان يفعله بحذائي فما كان من الطفل إلا أن أمسك بخصيتيه وعصرهما عصر الليمون الناضج، فصرخ الكلب صرخة لم أسمع مثلها من كلب قط وتلوى وعوى وأصيب بعرج في ساقه اليمنى وعاد "أفشحا" إلى صاحبته العجوز الذي بدت منزعجة للغاية من فعل الطفل وراحت ترطن بما بدا لي وكأنه سباب،،، في اللحظة ذاتها جاء قطاري وغادرت المشهد والكلب قد فرّق بين ساقيه وكأنه سيلد.

تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة


-----------------------
* مدير إدارة المطبوعات والنشر بوزارة الإعلام البحرينية          

الخميس، أغسطس 25، 2005

حاول الاتصال مرة أخرى



أقسم بشرف "مارلين مونرو" وسيرتها العطرة الطيبة وبـ "فيفي عبده" الشريفة العفيفة وبكل من هزت في يوم من الأيام ردفاً ألهبت به مشاعرنا المرهفة، بل أني سأتجاوز كل هؤلاء لأقسم بعذرية "شمس البارودي" التي لم يمسسها بشر ولم تك بغيا! أقسم بكل هؤلاء بأني تقززت من مقالة الكاتب "شربل بعيني" التي استنكر فيها، وبشدة متطرفي السلف أو أكثر، فعل الفنانة السورية المناضلة "هالة فيصل" احتجاجا على احتلال كل من العراق وفلسطين.

كل ما اقترفته المسكينة هو أن ظهرت للملأ عارية معلنة عن رفضها لأمر ما، بعد أن كتبت على جسدها الممشوق عبارات مناهضة معينة... نعم هذا كل شيء!!! فـ"شربل" هذا واحد من أولئك النفر من النقاد ذوي قرون الأستشعار الأحادية الذين لا يستطيعون النظر للأمور إلا من زاوية يتيمة، فلو أنه التفت لتفاصيل ما فعلته لما استاء منه بل لربما كان قد اغتبط وأشاد.

فهالة، وبحساسية فنانة تشكيلية مرهفة، اختارت أن تزاوج بين اللغتين، العربية والانجليزية، في شعاراتها إلا أنها اختارت المنطقة الأقدس للغة العربية فيما تركت الظهر والساقين وباقي الكراعين للإنجليزية،،، "بقى ده اسمه كلام يا شربل" نلوم المرأة لأنها عظّمت لغتها العربية واختصت أردافها الرخصة مكانا لها؟! أي نعم لو أنها كانت سودانية أو صومالية لرفعت عقيرتي معك احتجاجا ولكنها شامية بيضاء بيّضت وجه أمتنا العظيمة (طبعا لا أقصد إهانة للسودانيات والصوماليات وإنما تبيان لحقيقة أن الكتابة ما كانت لتظهر بوضوح لو أنها كتبت على جسد أسمر وفي ذلك تشويه للرسالة!).

عند قراءتي لمقالة شربل المذكورة أحسست وكأن وحياً غاضبا نزل عليّ بآيات تستنكر فعله كان مطلعها "واو والكيبورد وما يكتبون..." إلا أن Download الوحي انقطع فجأة فيما صوت إلكتروني ردد على مسامعي "حاول الاتصال مرة أخرى"!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي

كائنات نصف بشرية

في واحدة من تلك الرسائل الإخوانية التي أبعث بها لبعض الأصدقاء في البحرين من منفاي الاختياري في أوربا المحروسة بعين الآلهة جميعا من أحقاد بن لادن الرجيم وزمرته الملاعين، حكيت لهم فيها عن ذلك الحلم المفزع الذي تكررت رؤياه، مرات عديدة، في الأسابيع الثلاثة الأخيرة حتى صرت أظنه حقيقة. قصة ذلك الحلم الذي يوقف شعري ويجمد الدم في عروقي، باختصار شديد، هي أني ما أن أسبل عيناي وأسلم روحي، الطاهرة المباركة، للسماء حتى أراني وقد عدت لربوع الوطن بعد سفر طويل وإذا بحشود الناس تستقبلني بالتهليل والتكبير وأهازيج النصر وأغاني الظفر،،، فرقة بالطبول وأخرى بالدفوف ونساء خرجن في ملابس غجرية يتمايلن وهن يغنين:

"خزاعي يا نور العين يا ساكن خيالي.. عاشق بقالي سنين ولا غيرك في بالي.. خزاعي خزاعي خزاعي يا نور العين..."!!!

كل شيء كان طبيعيا غير أن الناس، كل الناس، كانت بأجساد بشر ورؤوس حمير (فيما عدا جماعة صغيرة كانت برؤوس عنز وكراعين بقر) فما كان مني بعد أن رأيتهم كذلك إلا أن عضضت على طرف ثوبي وأطلقت رجلي للريح هرباً منهم إلى حيث لا أدري، إلا أن تلك الكائنات المخيفة لم تكتف برؤيتي فارا من ساحة الاستقبال بل أخذت تطاردني من شارع لشارع ومن زقاق لآخر،،، إلى أن قيضت الأقدار لواحد من أولئك الملاعين أن يقف في نهاية زقاق، تنبعث منه رائحة بول قطط مقرفة، كنت أركض فيه مواصلا هربي فاصطدمت بكرشه المدببة فارتددت عدة أذرع للوراء،،، ما إن ضمن وقوعي بين يديه (أو ربما حافريه) حتى تبسم وشهق شهقة استنفذت كل الأكسجين المتوفر في ذلك الزقاق العطن،،، حرك جناحي أنفه الضخم حركتين سريعتين ثم تبعها بحركة أخرى من أذنيه الطويلتين فيما غمز لي بعينه اليسرى ومسح بلسانه المقرف على شفته السفلى،،، بدت لي تلك الحركات ذات مدلول جنسي شبق مما أثار الهلع في دواخلي، وبحركة لا شعورية، أخرجت له لساني قائلا "عيب يا سيد حمار، والله عيب" فما كان منه إلا أن مط شفتيه وحرك رأسه تجاهي (وكان قد فرق شعره من وسطه) وهو يقول "بوسة بس، بوسة وحدة بس الله يخليك..."!!! دفعت هذا الحمار الشاذ المنحرف إلا أنه لم يبتعد وراح يصر وأنا أبعده عني،،، الخوف يزداد وذاك اللعين يضيق الدائرة حولي... أخذت أصرخ وأستنجد دون جدوى فاستيقضت من نومي فزعا وأنا أصرخ بهذيان "حاااا حاااا حاااا" وزوجتي بجانبي تصرخ بي بلهجة بحرانية قحة "وش هالغرباااال في بلد البقر وبتنقلب ليي حمار اه؟!!"

تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة

الأربعاء، أغسطس 24، 2005

الفواق وأشياء أخرى


في مسلسل الحرب العادلة التي تخوضها منذ مدة على زنابير السلفية اللعينة التي ربما كانت متجهة صوب الخليج بعد تخريب أعشاشها في عاصمة الضباب  الحبيبة، خسرت سوسن الشاعر اليوم معركة مهمة عندما سخرّت قلمها للسخرية من "هيفاء وهبي" تلك الفنانة البريئة التي كانت جنايتها الوحيدة أن لها وجه كفلقة قمر وقد كغصن البان أو أحلى بقليل وبأنها قربت بقرة لطيفة (بالرغم من أن حكوماتنا الرشيدة لا تقرب إلا الأبقار)!!! وبما أن كل الأمور ينظر إليها بمنظار طائفي هذه الأيام فلا بد أن أزيد على أن ذلك الهجوم الغاشم المدان سلفا، إن لم يكن قد تم بدافع غيرة النساء، فلا بد أن يكون قد أسس له طائفيا كما هي العادة الجارية هذه الأيام،،، فهيفاء، كما هو معروف، شيعية ولسنا ندري بعد إن كانت شيرازية أم ولائية إلا أني أرجح الأولى إذ أن لها عينان تشبهان عيون القطط الشيرازية أكثر!!!

قرأت في عدد قديم من مجلة الـ new scientist، يعود لقبل عامين، أن علماء فرنسيين قد ادعوا كشف السر وراء الفواق ("أبوفاق" على الرواية البحرانية المشهورة أو"الزغطة" على ما جاء في الرواية المصرية المضعّفة والتي أفتى بعض علمائنا الأعلام بأنها موضوعة) وأنه، أي الفواق، دليل على تطور الإنسان عن مخلوقات أقل رتبة، ربما كانت برمائية كالضفادع التي تستخدمه - ولازال الكلام عن الفواق - كطريقة لمنع الماء من دخول رئتيها،،، ألا خيبة الله عليهم أبعد كل هذا الزمن يخرجون علينا بمثل هذه الاستنتاجات السخيفة؟!! حدثت نفسي عند قراءة المقالة بأن ربما كان الإنجليز على حق في تشبيه الفرنسيين بالضفادع فهاهم علمائهم يصرون على الربط بين البشر والضفادع!!! أولا يعرف هؤلاء أن البحارنة قد اكتشفوا منذ زمن بعيد سر الفواق الغامض؟! وبأن أسلافنا الدلمنيين الكفرة الفجرة، على رأي أحد نوابنا السلفيين الأفاضل، كانوا لا يدفنون الميت منهم إلا وقد فغر فاه وكأنه مات مصاب بـأبي فاق، رضي الله عنه، (لا تسألني لم وضعت "رضي الله عنه" بعد أبي فاق فقد تعلمنا أن نترضى كل مرة بعد أي اسم يبدأ "بأبي فلان") فالحقيقة وراء الفواق، الذي عجزت البشرية حتى الآن عن كشف سره، أنه إنما جعل للإنسان للتعبير عما تعجز الكلمات والحروف والرسوم والمسيقى والمسرح وكل وسيلة تعبير أخرى عن التعبير عنه بصدق،،، فأنت مثلا عندما تتشرف برؤية النائب السلفي الآخر بكرشه المدببة ولحيته الطويلة ورأسه الفارغة تماما من أي شيء (فيما عدا صورة مسواك وطبقة نعال زبيري) تعجز عن التعبير عما يختلج في نفسك عندها فلا شعر يسعفك ولا نثر فتكتفي بأن تصاب بأبي فاق رضي الله عنه وأرضاه!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة

الثلاثاء، أغسطس 23، 2005

افلونزا الطيور

 
أي بلاء هذا بل أي مصيبة تلك التي حلت بساحتي اليوم، فبعد الهجوم الغادر لتلك الحشرة الفاجرة الكافرة العميلة للجهات المخابراتية الدنيئة وما تركه ذلك العدوان الغاشم من آثار نفسية وجسدية وحتى اقتصادية (اضطررت لشراء مبيد حشري بعشرة يوروات وأربعين سنتا!) وبعد تقريع و "طحنة" و "حنچة" لم تنته لليلة البارحة من زوجتي لما لم أقترفه في أمستردام و"زنة" ورنة من إبليس، ذلك "اللوفري" اللعين، الذي لم يفتأ يذكرني بالوعد الذي قطعته له،،، بعد كل هذا تفاجئني وسائل الإعلام الهولندية الفاسقة بأن المملكة الهولندية معرضة لانتشار وباء افلونزا الطيور وأن السلطات بدأت باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهته!!!
 
ما إن سمعت الخبر حتى تجمدت في مكاني لحظات ثم قفزت لأقفل الشبابيك وأنظر من خلف زجاجها، مرعوبا، لمجرى النهر المقابل حيث تتسكع عشرات البطات يوميا ليبطبطن وكأنهن في مظاهرة احتجاجية مطالبة بوظيفة ما أو بدل بطالة على الأقل (مساكين لا يعرفون بأن ليس لصوت البط صدى)! نظرت إليها لأتأكد من أن إحداها لا تعاني من زكام أو كحة أو أي من أعراض الفلونزة اللعينة ثم أقفلت عائدا إلى حيث التلفاز لأكمل رحلة العذابات مع برنامج عن الـ "فوخل خريپ" (فلونزا الطيور بالهولندية) لأكتشف بأن هذا البلد "الكافر الفاجر" الذي يدعي الديمقراطية ومراعات الحقوق كان قد أعدم مئات الآلاف من الدجاجات البريئات قبل أعوام قليلة وزج بملايين أخريات في أقفاص مقفلة، ليس لأنهن زنين وهن محصنات أو أنهن اقترفن فاحشة لا تغتفر، بل لأنهن أصبن بالزكام!!!
 
في تلك الليلة بالذات حلمت حلم آخر من تلك الأحلام التي توقف الشعر وتجمد العيون في محاجرها، لكنه كان قد ابتدأ بداية إيروسية مثيرة، حيث رأيتني وكأني على موعد غرامي مع دجاجة بيضاء فاتنة ذات قوام ممشوق وقد مياس وتضاريس تلهب المشاعر... كانت تتقدمني ببضع خطوات وكنت مأخوذا بالطريقة التي تحرك فيها مؤخرتها بين الحين والآخر، مرة لليمين ومرتين للشمال بسرعة وخفة (تذكرت في تلك اللحظات ذلك البحراني البائس الذي اغتصب دجاجة قاصر وعذرته إذ أن تلك الدجاجة ربما كانت قد أغوته بالطريقة ذاتها!)،،، أسرعت الخُطا لألحق بها وما إن اقتربت منها حتى طوقتها بذراعي اليمنى فنظرت إلي بغنج وابتسمت قائلة "قاق" فرددت لها "قاقها" بمثلها أو أحسن منها وبادرتها قائلا "بق بق قــاق" فابتسمت بخجل ما أثار براكين الرغبة في نفسي الأمارة بالسوء إلا أن اللعينة قاطعتني بعطسة عنيفة اكتشفت من خلالها إصابتها بإنفلونزا الدجاج فغلى الدم في عروقي وثارت ثائرتي فصرخت فيها "كــاك عليش وعلى هالشكل" إلا أن صرختي تلك لم تمنع إصابتي بإنفلونزا الدجاج المرعبة،،، أحسست وكأن أعراض المرض بدأت بالظهور علي مباشرة وبضغط غريب عند المؤخرة!!! لأجد نفسي بعض لحظات وكأني سأبيض فصرخت مرعوبا "كاااااك كااااااك كااااااك" فانتبهت من نومي فزعا وأنا أقاقي كما الدجاج تماما وزوجتي تندب حظها بجانبي صائحة بلهجتها البحرانية الأصيلة "الله يخلف ويعاوض،،، بارحة أمس تناهق والليلة تكاكي والله يستر من ليلة باچر" ثم عقبت ساخرة وباللهجة ذاتها "إلا بسألك، بضت لو بعدك؟!" وللّحظة لا أعلم كيف عرفت ذلك!!!
 
تحياتي،
حسن الخزاعي

الاثنين، أغسطس 22، 2005

أمستردام


يقال أن القنفذ إذا ما أراد جماعا مع عشيقته يطوف حولها مرات ومرات إلى أن تتكرم وتتنازل وتتفضل عليه بتقبيل الحجر! والجمعة الفائتة طفت حول الغرفة مرات ومرات ولكن ليس للأمر الذي طاف من أجله ذلك القنفذ الشبق وإنما لما أثارته في نفسي حشرة بغيضة شرعت في مهاجمتي دون سبب أعرفه وليتها أدركت أي جسد شريف هذا الذي غرست رماحها فيه وأي دم طاهر هذا الذي عبّت منه!

بعد الطعنة الأولى التي وجهتها لي تعاليت على الألم ودخلت حالة من التصوف والإيمان بالقضاء والقدر وأظهرت شوقا للآخرة وحنين للحور العين في جنة النعيم وعزوفا عن هذه الدنيا الدنية وصرخت بأعلى صوتي "فزت ورب الكعبة" إلا أنها لم تكن من أهل القبلة بل وليست من المؤمنين بالآخر على ما يبدو فحشرات هذا البلد "الكافر" كأهله تماما لا تؤمن بدين ولا ملة،،، لم تتورع تلك العاهرة الصغيرة عن توجيه طعنة أخرى (على يدنا الشريفة هذه المرة) أشد من الأولى، كدت أن أبكي من شدة الوجع إلا أن حادثة كهذه وإن كانت عظيمة جليلة لا تخرج مؤمن مثلي من إيمانه ولا تزحزح من يقينه، فما كان مني إلا أن ازددت إيمانا بالقضاء المحتوم وناديت "ربي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" ولكن اللعينة الكافرة ما إن سمعت ذلك النداء حتى انهالت علي عضا وقرصا في كل بقعة من جسدي الطاهر فبكيت بكاءً كربلائي وتعفرت كعجوزة "استسرت" في مأتم نساء عامر،،، بعد أن يأست من استجابة السماء لنداءاتي وابتهالاتي المتكررة وبرقيات الاستعطاف والاسترحام التي أرسلتها، انتهى بي الأمر متودداً لإبليس حتى ينهي عذاباتي فاستجاب بشرط (وما أسرع ما يستجيب) فغدوت مدينا لإبليس ولأني مؤمن فلا بد أن أفي بعهدي الذي عاهدته.

السبت الفائت زرت أمستردام زيارة سريعة ليوم واحد مع وزجتي الكريمة، للترفيه والترويح بعد يوم عصيب عانيت فيه ما عانيت مع تلك البعوضة الفاجرة التي لم تراعي في جسدي النحيل العليل إلا ولا ذمة (لعنة الله عليها وعلى الجهة المخابراتية التي أرسلتها للنيل من مناضل سياسي كبير بالكيبورد والقلم فقط)... ما أن خرجنا من محطة القطارات المركزية حتى فتح لنا الشارع ستائره كاشفا عن مناكر الدنيا ومغرياتها فبعد "متحف الجنس" المليء بالصور والمجسمات المثيرة لكل أنواع الغرائز والمعبرة عن الشبق الذي عانت منه كل الحضارات السابقة (يكلف الدخول لهذا المتحف المتميز يوروين اثنين فقط إلا أني والشهادة لله لم أدخله!) بعد هذا المتحف بخطوات مقهى صغير يقع على الشارع العام المؤدي إلى المركز القديم للمدينة، اسمه "تيزرز" تقدم الطعام فيه فتيات غاية في الجمال شبه عاريات بل عاريات، فعدا الجوارب والأحذية وخيط رفيع يغطي المؤخرة وآخر على الصدر لا شيء سوى ذلك يحجب عنك رؤية الجنة!!!

ما إن وصلنا قبالة ذلك المقهى اللطيف (ولسوء طالعي ذلك اليوم كانت أحدى الفتيات تقدم الطعام لزبون لعين شاء أن يطفح طعامه في الخارج أمام الناس دون اعتبار لمشاعرهم الحساسة) ما إن وصلنا ورأت زوجتي المسكينة ذلك الموقف الأليم حتى تجمد الدم في عروقها  وأخذت يداها ترتعشان وصوتها يتهجد حتى ظننت أنها ستبكي إلا أنها صرخت بي قائلة "خلنا نرجع"!!! أبليس اللعين لم يفته تذكيري بالوعد الذي بيني وبينه فكان يدندن في رأسي بين الحين والآخر "ويش،،، وين الوعد؟!!" (هذا الفسّاء اللعين لا يدرك بأني الآن تحت رحمة سلطة أقوى منه ومن إيماني الذي استطاع التغلب عليه بالأمس، أنا تحت رحمة سلطة زوجتي وولايتها التكوينية عليّ)!!!

بعد نقاشات طويلة ومريرة مع المدام ومحاولات يائسة وبائسة لإقناعها بأن مثل تلك المشاهد لا تؤثر في نفس الرجل ألبتة بل أنها تشعره بتقزز وقرف شديدين!!! بعد كل ذلك وافقت على مواصلة المشوار والتخلي عن فكرة العودة، فتمشينا في الأسواق والأزقة القديمة وحضرنا احتفال "sail amsterdam 2005" وقضينا وقتا ممتعا بمشاهدة مئات السفن والقوارب التي قطعت آلاف الأميال من موانئ بلادها الأصلية لإمستردام خصيصا لذلك الحفل... بعد ذلك عدنا للتجوال داخل شوارع أمستردام وأزقتها فانتهى بنا الطريق إلى شارع بدا لي ولوهلة وكأنه سوق للملابس الداخلية فعلى طرفي الشارع عشرات "الفترينات" تقف بداخلها، خلف الزجاج، ما ظنناه "مانيكانات" بملابس داخلية مغرية ألا أنه وبعد لحظة سمعت شهقة من زوجتي فقلت لنفسي لربما "غصّت" المسكينة ولكنها صرخت بي غاضبة "وش هالمسخرة؟!!" فقد اكتشفت بأننا في شارع لبيع الهوى فالفتيات في "الفاترينات" كن حقيقيات من شحم ولحم (أبيض في الغالب) ويغمزن بأعينهن ويأتين بحركات فاجرة لكل من يمر بذلك الشارع وعند بعض المحلات توقف بعض الشباب للمساومة والاتفاق على التفاصيل!!!

انتهى بي ذلك اليوم مخفورا للمنزل بجمل التبرم البحرانية المعروفة والتي حسبتها لن تنتهي أبدا،،، مجبرا على الرضوخ
لمطالبها بـ "حق العودة" ... وأبليس، ذلك اللوفري اللعين، لم يفتأ طيلة تلك الرحلة يذكرني بالوعد الذي قطعته له!!!

تحياتي للجميع،
حسن الخزاعي

الجمعة، أغسطس 19، 2005

قط شيرازي


أحلام الكائنات النصف بشرية ذات رؤوس الحمير وأجساد البشر لازالت تراودني في كل ليلة تقريبا حتى صرت أخال أهل القطر البحريني الشقيق كلهم كذلك! ربما كانت تلك طفرة طبيعية أو نتيجة لتلاعبات مقصودة بالجينات الوراثية لذلك الجزء الصغير من الشعب العربي الأبي (ربما ليصبح أكثر شبها بباقي العرب!) لست أدري ولكن أحلامي، التي لا تخطئ عادة، تنبئني بأن الحال سائر إلى تلك النتيجة لا محالة،،، فالحذر الحذر يا أهل سار والحجر!!!

لازالت أمور اللغة تعرقل مسيرتي الأوربية، فإلى جانب الإنجليزية وبعض الفارسية طبعا (فكل البحارنة عملاء لدولة الفرس البغيضة) وشيء من الهندية الركيكة (بالرغم من أني ليست لي أي ولاءات جهة دلهي ولم يكن "مانموهان سينغ"، أعلى الله مقامه، من بقية أهلي!) غير تلك اللغات لا أتكلم شيئا ولم أعرف من الفرنسية حتى الآن سوى "ميرسي" التي تعلمتها من أغنية لكاظم الساهر (مد ظله الوارف) يقول في مطلعها "ميرسي كلك زوق ..."

هذه الحال تفرض عليّ عزلة قسرية مما اضطرني للحديث مع الحيطان والطوف، وحتى مكبات الزبالة، شاكيا همي وقرفي فالناس هنا إما فرنسيين أو هولنديين ولا يتكلمون لغة أفطن لها وجل العرب هنا من المغاربة الذين يتحدثون، إلى جانب الفرنسية، رطانة غريبة يدّعون بأنها عربية لكني لا أفقه منها حرفا،،، البارحة اكتشفت بأن أحد جيراني الهولنديين عنده قط شيرازي أبيض منتفخ ولا يخلو من بعض نزق فارسي غير مستغرب فقلت في نفسي لم لا أتحدث مع هذا السنور اللطيف، شيرازي كان أو ولائي لا يهم فالمهم أن يفهمني وأفهمه!!!

تقدمت نحوه وحييته بحرارة:

- "چتوري؟" (شخبارك؟)

التفت صوبي بغرور رافعا حاجبه الأيمن،،، هز شاربه الطويل ولف ذيله الأبيض على مؤخرته ورفع يده الكريمة صوبي وكأنه أرادني أن أقبلها، ورد تحيتي ببرود:

- هلا آقا

فاجأني رده الصقيعي ذاك إلا أنه لم يمنعن من مواصلة الحديث، فالكلام مع هذا السنور المغرور المنتفخ كمخدة ريش تافهة أفضل في كل الأحوال من حديث الحيطان الصامت... واصلت حديثي معه:

- أنا من البحرين

استفزته تلك الجملة بشكل لم أتوقعه أبدا،،، رفع رأسه بسرعه وصوب عينيه الخضراوين نحوي ورفع كلتا يديه حتى أني حسبته سيلطم للحظة ففتحت ذراعيّ معه لأشاركه في حفلة اللطم تلك فلربما كان في حالة شوق شديد للطم بع قضاء سنوات طويلة بعيدا عن تلك الأجواء وأنا بطبيعة الحال كذلك،،، صرخت بلا شعور "وحّــــد"، إلا أنه لم يلطم بل قال بحزم:

- بحرين مال ما (البحرين لنا)

أين هذا القط التافه المنتفخ انتفاخ قطعة البراز المتعفنة من أخلاق سنانيرالسعف البحرانية؟! أهكذا يحيي ضيفه؟! كان بودي أن أمسك بخناقه وأرفس خصيتيه حتى يقر بأن البحرين ليست من باقي أملاك أبيه إلا أن حاجتي إليه منعتني من ذلك.

تحياتي،
حسن الخزاعي

الخميس، أغسطس 18، 2005

حي على الانبطاح


ليس عندي كثير وقت أبث فيه همي لقراء هذا المنتدى الأغر لذا سأختصر دون ابتسار بقدر ما تعينني الآلهة وتيسر لي الأقدار بالرغم من أن موضوع كالذي أنوي طرق أبوابه وسبر أغواره وفضح أسراره يحتاج لمصنفات ومصنفات للدخول إليه فضلاً عن الغوص للؤلؤه ومحاره.

ليس من الغرابة في شيء أن يحار الواحد منا في أمر من وفقته السماء فبات منبطحاً يتنعم في رغد العيش الذي يتفضل به الأعلون على "المنسدحين" والمنبطحين كيفما كانوا (بطحة كاملة أو نصف بطحة أو حتى ربع بطحة، في بعض الأحيان، حسب الحاجة) فهؤلاء يروجون للانبطاح ويدعون إليه إلا أنهم ينقضون على كل من تسول له نفسه الانبطاح انقضاض الذباب على أنف قط غافل الصائمين وأفطر على أضلع سمكة أهدتها له السماء!!! وإلا فكيف يفسر لنا هؤلاء وقوفهم ضد أصحاب مسيرة الدعم للخواجة بالرغم من أنهم وعلى رأسهم رؤوف الشايب كانوا قد انبطحوا في الشارع انبطاحا وانسدحوا انسداحا؟!!!

بصراحة لا أجد تفسيراً لما حدث غير غيرة المنبطحين المتقدمين من المتأخرين فالقوم قد أجمعوا على الانبطاح واختلفوا على كيفيته. وكأي مراقب محتار في أمر المنبطحين من الأولين والآخرين أقول من أراد الانبطاح فلينبطح فلم تثبت لنا حرمته بعد إلا أن الأحوط وجوباً على أي منبطح أن يراعي عدم عرقلة السير سواء كان سير السيارات أو سير الحركة المطلبية!

وعجبي،
حسن الخزاعي

إليّ بها

إليّ بكأس أكترع ينابيع الجهل المعتق حتى انتفخ، إليّ بها أعتصر ثدي التخلف الناهض حتى الثمالة، إلىّ بها أمط شفاهً اكتنزت بمواعض المغفلين وأعب أعب أعب حتى أتلاشى،،، إليّ بها علّي أغتصب الصمت.. ألج الضجة.. أذوب مع المنتشين في الصخب!!!

إن كان بنو إسرائيل شعب الله المختار، فنحن، بلا أدنى شك، شعب الـ "آآآه" المحتار.. نولد بـ "آآآه".. نعيش بـ "آآآه" ونموت بأخرى،،، حتى التفكير، لا ننجزه إلا بالـ "آآآه" ولعل هذه أحد أسباب تأزمنا الأزلي، لعلها السبب الحقيقي وراء انتفاخ البعض منا بالتستيرون أو لعلها الطفرة الجينية الخائبة التي حولت غددنا الكضرية البائسة لضرع ينقط أبينفرين، بسبب وبدون سبب، حتى غدونا في هياج دائم لا نجد الوقت لنُعمل العقل في شيء. إلا أن قسما آخر من شعبنا الهجين لم يعرف الـ "آآآه" (ولا أظنه عرف الله) تلاشى عنده التستيرون وتوقف ضخ الأبينفرين فأصبح أمرد أملد يتمايل كمن ضربته "أم الديفان"، لا يحرك ساكناً إلا بأمر مولاه،،، اعتاد أن يسرج ظهره للآخر ليمتطيه كمالذواب وراح يبشرنا بلذة العيش كذلك (بقا ده اسمه كلام؟!) ولو أنك رفضت دعوته الكريمة للانضمام لجوقة الحمير المسروجة الناهقة بمدح من يركبها، وقلت له بعفوية "بحراني مفلع": "فچ عني" ... "روح ول" ... "برو گم بشو" لأصبحت من أولئك الذين ولاءهم للخارج "جهة الشرق بالتحديد" (ولست أدري لم يشيرون إليها شرقا بالرغم من أن إيران تقع في الشمال بالنسبة لنا،،، ألأنهم اقتبسوا ذلك المصطلح من نظام صدام البائد حيث أن إيران تقع جهة الشرق بالنسبة للعراق؟!!... لا لا لا ما اعتقد، ما أتصور، مو لهالدرجة يعني)!!!

مصيبتنا نحن الحائرين الواقفين في المنتصف (لم يتفجر فينا التستيرون إلا أنه حتماً لم ينقطع ولا زالت أجسامنا تضخ معدل متزن من الأبينفرين عند الحاجة) أن الشراييص (وهذه نوع من أنواع الصقور الصغيرة، أيام كنا صغار كان يباع الواحد منها بخمسة دنانير ولا أحسب سعره زاد كثيرا) تعدنا من الحمائم أو الدجاجات والحمير تعتبرنا طائفيين أما الحكم فيعدنا خونة ولسنا ندري إلى أين المفر أو كما قال الشاعر

آنه المسيچنة أنه ... وأنه المظيليمة أنه ... وأنه الباعوني هلي!!!


خارج المتن:
أخشى أن يستمر التصعيد بعد إيقاف صلاة الجمعة والجماعة باتجاه إيقاف الصلاة بالمرة احتجاجا على قانون الجمعيات!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي
khuzaei@hotmail.com

الدب والحزام الأخضر

في سعيها الدؤوب لحل معضلة "بيض الخفقع وفرخ الخفنقع" بين "جمعية الإنترنت البحرينية" و "جمعية البحرين للإنترنت"، دعت اللجنة التحضيرية لجمعية الإنترنت البحرينية (تحت التأسيس) لاجتماع مع بعض الأعضاء المؤسسين لجمعية البحرين للإنترنت لتقريب وجهات النظر وربما الوصول لحل وسط مع الإخوة في "فرخ الخفنقع" أقصد "جمعية البحرين للإنترنت"، ولسوء طالعي دعيت لهذا الاجتماع وحضرته فعلا وهذا تلخيص لما جاء فيه.

بدأ اجتماع القمة ذاك في السابعة والنصف مساءً إلا أنني وصلت مع لفيف من الإخوة المخضرمين في العمل السياسي والثقافي - يتقدمهم أبوالفضل الأدفيزر (Abu-Alfadhil The Adviser) - في الثامنة وبضع دقائق، وقد كانت الكلمة للأخ العزيز زهرة المنتدى حينها وقد كانت كلمة فصيحة بلغة قريش تثاءب لها الحاضرون أما أنا فقد نسيت الغرض من تلك القمة بعدها وظللت أحاول تذكره طيلة ما تبقى من وقت. وتعقيبا على خطبة زهرة المنتدى رطن أحد الحاضرين من آخر المجلس رطانة بلغة غريبة فقلت في نفسي لعله من الرائليين وهذه اللغة لغة أهل الفضاء الذين قاموا باستنساخ البشر - حسب زعمهم - خصوصاً وأن شاربه الكثيف كان أشبه بمقبس الكهرباء ذو الرأسين، إلا أن ظني ذاك لم يكن في محله فقد بين لي الإخوة الأعزاء بأن تلك الرطانة لم تكن سوى لهجة من لهجات العرب البائدة والتي حملتها معها بعض القبائل - من العرب البائدة - التي هاجرت لإقليم بلوشستان "العظيم" (على رواية آحاد)، وقد علق هذا المخلوق، الذي لم تعرف فصيلته بعد ولم يلحق اسمه بأي من ممالك الحيوان أو النبات، بسخرية على كلمة الأخ المناضل زهرة المنتدى واصفاً إياها "بالمسرحية الشعرية الجميلة التي لا تعبر عن واقع الحال" مما أثار المناضل الكبير والمثقف المخضرم "أبوالفضل الأدفيزر" فتداخل مداخلة رنت لها أرجاء الصالة، حذر فيها من تبادل الاتهامات ومحاكمة النوايا وقال فيها كلمته التي جرت مجرى الأمثال "نحن مع تبادل الحقائق لا الاتهامات" واسترسل في كلمته مأكداً على أن الأقدمية لا تعطي جمعية "فرخ الخفنقع" تلك أية شرعية فقاطعه مدير الجلسة - وهو رجل يشهد الله على أن ليس له من الأخلاق حظ - رافعاً كتيباً أحمر، ظننته لوهلة الكتاب المقدس الذي أنزله الألوهيم على رائيل، قائلاً - وبلهجة أخرى من لهجات العرب البائدة - إن شرعيتي تأتي من هنا (مشيراً إلى الكتاب المقدس).

استمرت الجلسة بعد ذلك وقد شابها الكثير من التشنجات مما اضطر المناضل الكبير "أبوالفضل الأدفيزر" للانسحاب فتبعه رجلين من كبار المناضلين والمجاهدين بالقلم والكيبورد فضلا عدم ذكر اسميهما، وانسحب من جهتهم الكثير كذلك إلا أن أهمهم ذلك المخلوق عديم التصنيف ذو الشارب الشبيه بمقبس الكهرباء ذي الرأسين. وعندما وصلت الأمور لهذا الحد تقدم زهرة المنتدى الصفوف فقرأ الآية الكريمة "قل تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" بصوت جميل وبترتيل رائع فإذا بالشخص الجالس بجانبه قد أخذه ذلك الصوت الشجي بعيداً، فظن أنه في الحرم المكي على ما يبدو، وما أن انتهى زهرة المنتدى من تلاوة الآية وبعد أن أطال في الكلمة الأخيرة "وبينكــــــم" حتى جهر هذا الشخص "آآآآآآمين" إلا أنه لم يركع.

في تلك الأثناء كنت قد بدأت بملاحظة المعالم الأولى لـ "الدب والحزام الأخضر" من بين أقدام الحاضرين، وتلك حكاية أذكرها في الجزء الثاني من هذه التغطية إن شاء الله.

تحياتـــــــــي،
أبوالعاص الخزاعي

من بين تلك السوق الحسان والتي كانت أشبه بأقلام الرصاص المدببة، شدتني قدم مجوربة بجورب رمادي قصير يتوسطه خط أخضر يعلوه رسم أزرق - لم تتضح معالمه لي في ذلك الحين بعد - في نشاز ألوان لم أشهد له في تاريخ الهندام مثيل.

وبعد تدقيق وتمحيص للتمييز بين تلك السوق الحسان تمكنت من تحديد صاحب تلك الرِجل ليزيد ذلك من دهشتي إذ أن تلك الرٍجل كانت لمدير الجلسة الذي كشف عن ساقيه بثوبٍ قصير قصر نظره وضيق كضيق فكره، تمعنت في ذلك الجورب المعجزة حتى تلاشت الأشياء من حولي فلم أعد أرى أي شيء غيره فوصلت لحالة لم أجد أبلغ من أبيات نزار قباني لوصفها "سافرت في دولاغه وما عرفت أين ... وما عرفت أين"، نعم سافرت لأبعد من حدود الخيال ورحت أمعن النظر أكثر وأكثر لمعرفة ذلك الرسم الأزرق الذي يعلو الخط الأخضر، قرأت نصف آي القرآن تيمناً بها علي أحضى بمعجزة تجعل هذا المخلوق يرفع من ثوبه ويكشف لي عن ساقيه ليتجلى ذلك الرسم "المقدس"، وكأن السماء قد سمعت ابتهالاتي وإذا بالجدال يشتد بين الطرفين مما أغضب هذا المخلوق "فكشف عن ساقٍ وما دعى للسجود" واقتنصت تلك اللحظة الذهبية - في غفلة من الحضور - لأميط اللثام عن ذلك الرسم المقدس على جوربه المعجزة.

لكني وبعد أن اكتشفت ما هية ذلك الرسم لم أشعر بأي راحة بل بالعكست زادتني تلك التصاوير حيرة، فقد اتضح لي بأن الرسم "المقدس" عبارة عن دب يعلوه خط أخضر وأسفل منه آخر أخضر كذلك، وبعيداً عن أجواء ذلك اللقاء "السخيف" رحت أحاول أن استنبط الحكمة من وراء ذلك الرسم الغريب على جورب ذلك المفكر الأديب، إذ أن مثله لم يكن ليلبس شيء إلا إذا كان له معنى. احترت كثيراً إلا أن وضعية الدب الأزرق بين الخطين الأخضرين على جوربه فيه تشبه إلى حد بعيد وضعية نجمة داود بين الخطين الأزرقين على العلم الصهيوني، ساعدني هذا التشابه كثيراً في العثور على الطريق لفك طلاسم ذلك الرسم "المقدس". فمن المعروف أن الخطين الأزرقين على العلم الصهيوني يشيران إلى النيل والفرات والنجمة بينهما كدلالة على المساحة المفترض أن ينشأ الكيان المصطنع عليها، وكذلك الخطين الأخضرين على جوربه ربما كانا يشيران للحزام الأخضر الشمالي والآخر الجنوبي والذان يحدان البحرين من شمالها وجنوبها والدب الأزرق في الوسط كدلالة على أحقية هذا الرجل وقبيله بما يقع بين هذين الخطين، ومما زادني دهشة أن اختيار الدب شعاراً لم يأت صدفة وإنما إشارة للكروش الممتلئة والقدرة على البيات مدة طويلة ولونه كدلالة على عرق ذلك الرجل إذ أن هذا العرق أزرق وكتأكيد على ذلك أطلقوا على أنفسهم "الشيء الأزرق" علماً بأن الأزرق لم تكلن بالعربية وإنما كانت بالإنجليزية blue شي.

بعد فك ذلك الطلسم عدت لأجواء اللقاء وإذا بصدري يضيق حرجاً منه، وأحسست بأن تلك الغرفة لم تعد تتسع لي فأغمضت عيني وناديت في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لنفسي بحضور هذا اللقاء، فاستجاب لي ربي وتقيأني ذلك اللقاء على ضفة الشارع العام لألتقي بمناضل كبير اسمه "أبوالعباس سَيْر اللِّجام" و "أبوالفضل الأدفيزر" وآخرين وأتحفنا "سير اللجام" بحديث شيق عن نظريته التي لو أذعنا مقتطفات منها هنا لووجهنا بسلسلة من فتاوى الحرق والتكفير والإخراج من الملة.

تحياتي،
أبوالعاص الخزاعي


بما أن "الشيء الأزرق" ، وكما بينا في تحليلنا للرسم المقدس على جوربه المعجزة، مؤمنٌ بأن مابين الحزامين الأخضرين هو ملك خاص له ولقبيله وليس من حق الآخرين مشاركته فيه، فإنه رفض طلباً من زهرة المنتدى لحل لجنتهم التأسيسية - أعني لجنة "فرخ الخفنقع" - والاجتماع مع اللجنة التأسيسية لجمعية الإنترنت البحرينية لتأسيس جمعية تضم الطرفين وأصر هذا "الشيء الأزرق" على أن أقصى ما يمكنهم تقديمه هو القبول بالآخرين كأعضاء في جمعيتهم العتيدة. وهذا أهم ما تمخض عنه ذلك الاجتماع، إلا أن هناك أحداث أخرى مهمة من الإجحاف بالحقيقة تجاوزها أو تناسيها، وحكاية ذلك المخلوق "المستنسخ" الجالس بجانبي في تلك الجلسة واحدة منها.

فبعد أن انسحب "أبوالفضل الأدفيزر" والمناضلين الآخرين الذين كانا يجلسان بجانبي وبعد أن ضاق صدري بتلك الجلسة وبدأت بالابتهال إلى الله لينهيها، فإذا بريح لها ذفر تملأ الخياشيم قد غزت أنفي وانتهكت حرمات رئتي إلا أنني وبالرغم من ذلك كله استبشرت خيرا فلقد والله ظننتها رائحة هنديٍ ما عرف جسمه الماء قط قد أتى للتو من محل "السمبوسق" المجاور ليوزع على الحاضرين بعض العصائر معلناً بذلك نهاية تلك الجلسة وهو الفرج الذي كنت أنتظره. إلا أني فوجئت بمخلوق غريب قد احتل المكان الذي تركه المناضلان المنسحبان بجانبي، مخلوق قد سغسغ الدهن في رأسه وفاحت منه رائحة كرائحة دهن النارجيل إن لم أكن مخطئا. عرف المخلوق نفسه وادعى الانتساب للإمام علي، إلا أنني أشك في ذلك، ذلك أن هذا المخلوق لم يبدو لي من الثدييات أصلا، كما وأنه نطق بلهجة هجينة لا هي بالبحرانية ولا هي لهجة من لهجات العرب البائدة، حتى أني لم أدري أمستنسخ هو أم أنه جاء من الفضاء فلقد كان والله لا يفقه قولا، وبدأ هذا المخلوق الهجين خطاباً قوياً موجهاً لزهرة المنتدى فأثنى عليه ووصفه بالقائد الجيد ثم رجع وادعى بأن القائمين على جمعية الإنترنت البحرينية إنما يحسون بالحسد والغيرة من جمعية "فرخ الخفنقع" وانجازاتها العملاقة. فخاطبته في نفسي قائلاً: مالك أنت والإنترنت؟ ألا تؤمن ياهذا بالتخصصية؟ أليس تخصصك صناعة البلاليط والآلو وربما الجباتي كذلك؟ هل تدخل أحد منا في تخصصك حتى تقحم أنت نفسك معنا؟

في إحدى زوايا الصالة وفي تلك التي جلس فيها المخلوق عديم التصنيف ذو الشارب الشبيه بالمبقبس الكهربائي ذي الرأسين بالذات، جلس مخلوق آخر لا شك أنه من السرخسيات إلا أنه كان يضع شيء أحمر على رأسه حسبته طائرة ورقية خصوصاُ ونحن في فصل الشتاء، إلا أنه تبين لي فيما بعد أنه شيء أسمه غترة (أو غطرة على رواية أخرى وشماغ في رواية شاذة)، كان لهذا المخلوق رأسٌ كالمصباح ذي المائة وات، كبير ولكنه فارغ. تكلم هذا المخلوق بلهجة العرب البائدة إلا أن أحداً لم يترجم لي فلم أفهم ما قال، ولكنه بدا مغتاضاً إذ أن حركات يديه كانت تشير إلى ذلك فقد كان يحركهما كما تحرك حشرة "فرس النبي" يديها.


تحياتي،
حسن الخزاعي

الساعة الآن تمام المهزلة


"لم اتفوه قط بكلمة تافهة او بقول يبعث على الضحك"
يسوع المسيح
===============

أما آن لهذه الرحلة أن تنتهي، أما آن لنا أن نتوقف ولو للحظة نتابع بعدها المسير؟! ... طأطأت برأسها قليلاً، دون أن تتوقف أو حتى تبطئ من مشيها... رمقت الضفة الأخرى بنظرة ثكلى، ولسبب ما ظننت أنها ستقف ... لكن، ولسبب آخر مجهول، لم يفاجئني أن قالت: "ضفاف ذاكرتي طويل ولم نبدأ المشوار بعد!" .. واصلت المشوار وأنا أتبعها،،، أمواج الذكريات تغسل أقدامنا الحافية التي ما فتئت تجرح وجه الرمال،،، نزيف الأبجديات يستمر على طول الطريق بلا انقطاع،،، يضمخ جيد الذكريات أكثر وأكثر،،، إلا أن الضفة الأخرى لا تدنو أبدا وصوت خافت ينادي من بعيد:

"لن تصل الضفة الأخرى إلا إذا قطعت الماء ... لن تصل الضفة الأخرى إلا إذا قطعت الماء"

ميغيل دي سرفانتيس الأديب الإسباني الأشهر، ما تمكن من عبور الماء للضفة الأخرى وفضل الاختباء وراء اسم "سيدي حامد بننجلي" المستعار ليروي للناس رائعة "دون كشوت" (أو "دون كخوت" على رواية مغاربية ضعيفة)، "دون كيشوت" الذي قرأ أساطير الفرسان حتى صدق أنه أحدهم فراح يقاتل طواحين الهواء متوهما أنها العمالقة أما الشحاذين والصعاليك فجيوش الأعداء، "دون كشوت" لم يمت بعد إنما استبدل اسمه فقط.

"دون كيشوت" قرأ عن العرب والعروبة حتى صدّق أنه ابنها وراح يقاتل الآخرين زاعما أنه يدافع عنها، بالرغم من أننا نعرف، كما يعرف سرفانتيس و بننجلي أيضا، بأنه لا يمت للعروبة بصلة، وبالرغم من أن احمرار بشرته وضخامة أنفه يرويان لنا قصة الريح الصفراء النتنة التي حملته من بلاد ما وراء جبال زاجروس ورمت به على هذه الجزيرة البائسة!

للأسف لم يذكر لنا المؤرخون من أي قوم هو بالتحديد إلا أنني أرجح أنه من الجوتيين (الذين أسقطوا الدولة الأكادية) ذلك أن له وجه يشبه الـ "جوتي" كثيرا!!!

"دون كيشوت" لازال نبيلا، كما أخبر عنه بننجلي وسرفانتيس، إلا أن نشأته الصعبة خلقت منه شخصية جبانة ورعديدة، فكما ذكر المؤرخ البحراني الأعظم، سير اللجام، في سيرته بأنه ومنذ أن كان طفلا يجر من ورائه ذيل حفاظه المصنوعة من قطعة قماش أبيض، هي على الأرجع من مخلفات أكياس مطاحن الدقيق، وتلاحقه بضع ذبابات سود يتمايلن سُكراً بفعل الرائحة العبقة التي كانت تتبعه هي الأخرى كضربان استهل يومه بالتهام وجبة بيض مسلوق، منذ أن كان بتلك السن الصغيرة وهو يتعرض لأبشع أنواع الاضطهاد والتحرشات الجنسية!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي

ملل وتململ

لو كنت مثلي فحتما سيصيبك الهم والغم والنكد والضجر وبالضرورة ستقضي بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وانفجار الأوردة والتهاب أغشية المخ وانسداد الحوالب وتضخم البروستات، ليس لكونك مدخنا أو مدمنا على نوع فاسد من المخدرات، لا سمحت ألطاف السماء، ولكن لكونك محكوم عليك بالتعامل مع جهتين الواحدة منهما أجهل من الأخرى!

فحظي العاثر أوقعني بين مؤسسة الحكم التي تمعن خنقا بالحريات السياسية وبين جماعات متعصبة أخرى تتفنن في شدنا شد الآستيك نحو أفكارها الرجعية المتخلفة لتجبرنا مكرهين على الانصياع لقوانين عفة جائرة أشد تعسفاً من مثيلاتها القروسطية! المحتشمون من ماركة "غفر الله لك" يرون كل فعل أو قول أو حتى إشارة، خرقا لقانون العفة ولذلك يشترطون أن تكون مواضيعنا كلها "مصرولة مغشوية" لا تظهر شيئاً من مفاتن الكلم حتى لا تخدش حياء جمهور بريء لم يسبق له وأن تعرض لمشاهد فاضحة كتلك التي ترسمها الكلمات، إلا أن ذلك الحياء الرقيق لا يفتضه السباب ولا تضره الشتائم!!!

لست أدري كيف أخيط بالأحرف موضوعات تتسع لنظراتهم الضيقة أو ما هذا الذي يمكن أن أتناوله فيها دون أن يكون عرضة لمقص الرقابة، فمقص الرقيب هنا كبير وصدئ ومصاب بكل عقد الجنسانية الفرويدية، فكل حرف أو شدة أو حتى ضمة صغيرة لا تكاد تبين، مؤامرة جنسية خطيرة تستهدف الإطاحة بنظام العفة المفدى وتستوجب ضربها بكيبوردٍ من حديد أو زجها في غياهم المحذوفات لحماية المجتمع الطهراني من شرورها!!!

الحل الوحيد للتعامل مع هؤلاء هو أن تستخدم لغة قديمة متكلسة كالطباشير أو متحجرة كالأحافير لا أن ترسم بالكلمات تكوينات ذات منحنيات سلسة قد تثير القارئ فتصب شهوته مما يستلزم بالضرورة إثارات ارتدادية عند مقص الرقابلة البليد.

وعجبي،
حسن الخزاعي

ترهل


عشتار آلهة الحب والجمال لم تكن سوى عاهرة عجوز أكل الحقد قلبها عندما فشلت في إغواء جلجامش، فهذا الفحل لا تغويه النساء، فهو إما مؤمن أو شاذ ... ولكن من كتب التاريخ جعل منها آلهة!!!

وحدهن الراقصات وبنات الليل يعرفن شعور عشتار، وحدهن يدركن معنى أن تترهل الأرداف ، فبالنسبة لهن تلك منطقة تجارة حرة وكسادها يعني حتما انهيار كلي للاقتصاد العام، لذا تجدهن غير مقتنعات بأن زمنهن قد ولى ويظلن متشبثات بالمهنة حتى وإن لم يبق حولهن من الجمهور سوى عجوز لا يلوي على شيء غير تذكر ما كان بالأمس وتد وغدا اليوم خيطا ! أو عالم آثار لا هم له سوى دراسة المواقع الأثرية المنكوبة!!!

ليس غريبا على راقصة من هذا الطراز أن تستنفر كل طاقاتها وأن تحشد كل طبالي العالم من ورائها علها تحدث ولو هزة تحرك الهواء، ولكن هيهات فواحدة بمقدار 8 على مقياس الكافر ريختر (الذي حتما سيهزه الله في نار جهنم حتى يسمع أهلها صوت قرقعة خصيتيه ) لهي أهون على الناس مما تجود به أرداف ذاوية كالزبيب حتى وإن كان من ورائها طبال بمهارة "عبدالرحيم القلماني"!!! بل حتى وإن خادعت نفسها بترديد اغنية عجائز البحارنة قديما:

"ما حلا رقص العجايز في ظروف اللفدة ... ما حلا رقصش يا (الأيام) و الفقاح ملفدة"

تخت العازفين من وراء راقصتنا العجوز، هم الآخرين عجائز تقادم بهم العمر، ينشدون عودة أيام الطرب الأصيل، كما يحلو لهم تسميته، ويرمون غيرهم بالهبوط والإسفاف متعامين عن وجود فنان بسخف "القلماني" بينهم!!! بل ويلمزون الآخرين لاستخدامهم أسماء فنية غير حقيقية بالرغم من أن هذا "القلماني"، الذي لا يحلو له العزف إلا على أوتار التسقيط والتخوين، يستخدم اسم فني يختبئ وراءه هو الآخر!!!

"قلماني رايح رايح ... قلماني جاي ... قلماني جاي"

زرقاوية، خلايلية أو حتى "حلايلية" لا يهم كثيرا، المهم أن نقضي وقتا ممتعا بمشاهدة تخت العجائز هذا وهو يصارع طواحين الهواء ويحاول عبثا أن يجر عقارب الساعة للوراء.

وعجبي©،
حسن الخزاعي

ليست دعوة لمعاشرة الحمير


انتشر بين الناس في الأسبوع الفائت خبر مفاده أن رجل اعتدى على عرض حمار مما أثار موجة من الاشمئزاز والاستهجان وعاصفة من السخرية والتندر اجتاحت المجالس والمقاهي والبيوتات. شخصياً استأت من مقاضات الرجل وادانته وحبسه وتغريمه أكثر من ا ستيائي مما أقدم عليه!

ولو كنت قد أتيت حظاً من العلم في القانون لأعلنت استعدادي للدفاع عنه مجاناً (لم لا فهو ليس بأسوأ من صدام الذي تسابق المحامون "الغيارى" للإعلان عن استعدادهم للدفاع عنه؟) ولاستندت في دفاعي عنه على عدة نقاط أوجزها فيما يلي:

1- إن الحكم على الرجل وإدانته دون مقاضات الحمار أو التحقيق معه فيه إخلال بين بالعدالة المفترضة، خصوصاً وأن حيثيات القضية لم تأت على ما يفيد بأن الحمار - عفا الله عنه - كان قاصراً أو بأن الرجل قد اغتصبه وإنما واقعه برضاه على الأرجح ولربما كان الحمار هو الذي راوده عن نفسه ولربما تلذذ بما كان أكثر من تلذذ الرجل نفسه، فللحمار تسعة أضعاف شهوة الرجل على رأي البعض، فإذا كان القانون ينظر لما حدث على أنه جريمة فلا بد من معاقبة الحمار لما اقترفت يداه وعقوبته في هذه الحالة أن يقتل ويدفن (قياساً بالحد الذي طبق على بقرة عذراء - في قريتنا - أغواها أحد الباكستانيين فواقعها سفاحاً، ولما كشف الأمر أفتانا أحدهم بوجوب قتل البقرة ودفنها) وإذا ما حكم على الحمار بالموت صار لزاماً علينا أن نحكم على الرجل بالموت هو الآخر ولكن القانون لم يذكر شيئاً عن اعدام من يواقع حيواناً، لذا وجب إخلاء سبيل الرجل والحمار معا.

2- وسؤال آخر لم يكلف الناس أنفسهم عناء طرحه ومناقشته، وهو مالذي دفع هذا الرجل البائس لوطئ حمار "خائس"؟ قد أصدم الكثيرين إذا ما قلت بأني لم أكن مستغرباً ألبتة مما حدث خصوصاً إذا ما عرفت أن الرجل كان عاملاً بسيطا لا يستطيع الزواج ولا حتى أن يحصل لنفسه على صديقة أو "صديق" في مجتمع يحرم كل علاقة خارج الزواج ولكنه في الوقت نفسه يعج بالمغريات التي تحرض على ممارسة الجنس، فهو عالم يعاني من أزمة خانقة في القماش على ما يبدو حتى أصبحت النساء فيه لا يرتدين إلا القصير أو الخفيف والمحجبة منهم تضطر لأن تعصر قوامها الرشيق في بنظال يخال للناظر إليه بأنه على وشك التمزق. وحتى إن اعتكف الرجل في بيته تحاشياً لما قد يصادفه في الشارع واكتفى بمشاهدة التلفاز فإن الفضائيات توفر له ما لم يخطر على بال إبليس ولو احتشم الرجل وقرر مشاهدة البرامج الإخبارية فقط طلت عليه إيمان بنورة - أطـــال الله في عمرها - بصوتها الناعم وقدها الجميل! ولا أخفيكم أمراً بأني في إحدى المرات شاهدت فيلما خلاعياً عن تزاوج الفيلة على الفضائية البيرطانية BBC وشكرت الله ألف مرة وحمدته أكثر أن ليس في البحرين فيل.

وأخيرا قد أصبحت ممارسة الجنس مع الحيوانات ظاهرة في البحرين حتى أنني سمعت مؤخراً أن بحرانياً أغوى دجاجة قاصر فاغتصبها فلم تحتمل المسكينة وقضت ضحية شهوة ذلك الرجل وحوادث البقر أكثر من أن توجز في مقال كهذا ذلك أن البقر أكثر إثارة للشهوة على ما يبدو.

ملاحظة موجهة للرجل الذي واقع الحمار حتى لا يقع فيما وقع فيه غيره:

إعلم وتيقن يا هذا بأنك لا تستطيع الزواج من اخت الحمار ذلك أن زواج الائط من اخت الملوط بــــــاطل.

وعجبي،
أبوالعاص الخزاعي

مسجات مستعجلة

منذ أن سمعت بخبر اعتقال الرمز - قيد الإنشاء والتطوير - الأستاذ "علي عبدالإمام" - دامت فيوضاته التسونامية المباركة - وزميليه الفاضلين حسين يوسف ومحمد الموسوي (فكت السماء أسر أجسادهم الطاهرة)، وأنا مصاب باضطرابات معوية حادة وحالات إسهال عصابي مقلقة وغثيان قهري، ناهيك عن الهلوسة والجنون اللحظي والسلس اللاإرادي وبوادر انتفاخ البطن وظهور البواسير وأعراض النواسير والدمامل!

في حقيقة الأمر لم يكن كل هذا تعاطفاً معهم أو حزناً لما ألم بهم بل رعباً مما قد يؤول إليه حال الفقير إلى الله إن هو أخذ بذنب وقاحة قلمه أوطول لسانه، فلو كانت الملاحقات القانونية تطال أولئك الذين تناولوا ذات الملك - المقدسة - بأقلامهم/كيبورداتهم فحسب، لما ملأ الرعب صدورنا الرحبة ولا تزايلت منه أعضاءنا المنهكة، إذ أن الذوات المقدسة خارج إطار اهتماماتنا وما تتناوله كيبورداتنا وأقلامنا، إلا أن المصيبة هي في اتهام كل من لا يملك ذيلاً يهزه للحكومة - الرشيدة - بالتحريض على كره النظام والزج به في المعتقلات!!!

وبمناسبة الحديث عن التحريض على بغض النظام وكرهه وما يستدعيه من حديث آخر عن الحب يطيب لنا أن نرسل رسالة قصيرة لحكومتنا "الرشيدة" نكرر فيها ما قالته كوكب الشرق (تغمدت روحها الآلهة حيث تشاء):

"حب آآآآآآيه اللي إنته جاي تقول عليه *** إنته عارف قبله معنى الحب آآآيه؟!"

إذ أن حكومتنا الرشيدة والتي عمدت ومن خلال مثل تلك الاعتقالات إلى الخلط بين بغض النظام وانتقاد الحكومة وتصوير الأخير على أنه الأول بالرغم من أن الحكومات في بلاد "الديمقراطيات العريقة" تجيء وتذهب فيما الأنظمة تبقى، حكومتنا الرشيدة في حاجة ماسة لمثل ما قالته كوكب الشرق عن الحب فمن لا يعرف للحب معنى يجب أن لا يطالب الناس به.

أما الرسالة الأخرى والتي أرسلها منظمو الاعتصام القادم وأعلنوا فيها رفع الشرائط البرتقالية كإشارة لـ "بزوغ الغضب وغروب الحرية"، كما أوضح بعضهم، أما هذه الرسالة فهي واضحة ولا يخفى مفادها على أحد، إذ أنها تقول بوضوح مثير للهلع:

"يا البرتقالة ... يا البرتقالة .. عذبتي حالة ..."

ورسالة ثالثة مني لأولئك المشاغبين على صفحات بحرين أونلاين والذين انتحلت أجسامهم خوفاً من أن يطالهم ما طال عبدالإمام وزميليه (أعرف أن أحدهم قد خسر 7 كيلوجرامات من وزنه خوفاً فيما راح يروج بين الناس "إنو عامل رجيم")، رسالتي لهؤلاء هو ما قاله نزار قباني على لسان قارئة فنجانه:

"يا ولدي لا تحزن فـ "القبض" عليك هو المطلوب ... قد مات شهيداً يا ولدي من مات بسجن الدحدوح*"

أما أنا فلا أجد من القول أفضل من ما قاله الإمام محمد عبدالوهاب - تقدست أسراره الفنية - "بحب عيشة الحرية ..."


وأخيراً أقول ما قاله حكيم (أو علي أحمد على رواية أخرى):

"إسس إسس إلســــــــلام عليكم ... السلام عليكم"

وعجبي،
أبوالعاص حسن الخزاعي


--------------------
* نسبة للدحداح كما ورد في أسطورة شمران المقدسة.