Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الجمعة، أغسطس 26، 2005

ندوة لندن وأشياء أخرى



الضحكة والقشرة توأمان، فالأولى كالأخيرة تماما "تخفيها لا يكفيها، تلغيهـــا" ولكن مصيبة المبتلين بداء الضحك مثلي أنهم يحاولون عبثا إخفاء الضحكات إلا أنهم لا يمتلكون القدرة على إلغائها تماما ومواصلة حياتهم صمتا كما الآخرين، وهذا ما يوقعهم فريسة سهلة لقوانين "جمال داوود"* وأعوانه المنتجبين، فينتهي بهم الحال موصومين بالطائفية وتهديد الأمن القومي والتحريض على كره النظام وربما محاولة قلب نظام الحكم والتخابر مع دولة أجنبية!!! فتتبرع الفاتنة "بتلكو" بإغلاق مواقعهم هذا إن لم يسارع "أبوداوود" لإحالة أوراقهم للنيابة العامة للتنكيل بهم!!!

عندما لا يجد محرر الأخبار في صحيفة محترمة كـ "الأيام" تعليقا على خبر ندوة لندن التي استضافها اللورد إيفبوري تحت عنوان "البحرين ثلاثون عاما من الحكم غير الدستوري"، عندما لا يجد هذا الكاتب النحرير تعليقا على تلك الندوة غير الآتي:

يذكر ان بريطانيا التي‮ ‬تعرضت لهجمات دموية مؤخراً‮ ‬شرّعت قانوناً‮ ‬لمكافحة الإرهاب كما انها اصدرت قائمة اطلق عليها "السلوكيات‮ ‬غير المقبولة‮".‬ وتشمل قائمة‮ "‬السلوكيات‮ ‬غير المقبولة‮" ‬التعامل مع الساعين إلى تعزيز الكراهية أو الترويج للإرهاب وإرسال اشارات قوية إليهم بأنهم ليسوا موضع ترحيب في‮ ‬بريطانيا‮.‬ ويمكن بحسب الاجراءات الجديدة طرد أي‮ ‬مواطن أجنبي‮ ‬من‮  ‬الأراضي‮ ‬البريطانية أو منعه من دخولها لتفوهه بكلام‮ ‬يستوجب الادانة سواء كتابة أو بإبراز أو نشر أو توزيع وثائق تستوجب الادانة أو كلام علني‮ ‬أو على موقع للانترنت‮.‬

وعندما يذيل محرر الأخبار في جريدته شبه الرسمية، "أخبار الخليج"، تغطيته بـ:

ما يثير الشكوك حول أهداف ودوافع تنظيم مثل هذه الندوة سنويا في بريطانيا، ووطنية المشاركين فيها.

عندما يحدث كل هذا أشعر وكأن يداً "نحيسة"، آثمة تمتد إلى خاصرتنا الشريفة لتفتك بنا ضحكا، ولا أخفيكم بأني "انسدحت" وانبطحت و"تدحلبت" و"تنهنهت" و"تعفرت" ضحكا، لمدة ناهزت العشر دقائق وبضع ثوان، هذا الصباح عندما قرأت تلكم التغطيتين وليعذرني "أبا داوود" فلست ممن حبتهم السماء بالقدرة على كبت ضحكاتهم!

بعيدا عن الضحك الخطر الذي تسببه مثل تلك التغطيات وما قد يجره علينا من مصائب ونوائب إن هو أغاظ أبا داوود أو زعله... البارحة في محطة روتردام المركزية وقت عودتي للمنزل بعد يوم عمل طويل صادفت عجوزاً لا شك وأنها جاوزت المائة عام بقليل إلا أنها خرجت بكامل حيويتها ونشاطها وقد تزينت وتبرجت وارتدت ملابس وردية زاهية، بل أني شككت لحظة بأن في نظراتها شيء شقاوة وشبق!!! كانت تمسك في يدها حزاما جلديا قصيرا ينتهي طرفه الآخر في رقبة كلب أسود ضخم، ما إن رأتني حتى اقتربت مني وحيتني بغنج لا يليق بمن في عمرها قائلة "خويـا آفت" (بعد ظهيرة سعيدة بالهولندية) فرددت لها تحيتها بمثلها إذ أن لغتي الهولندية لا تسعفني لأن أزيد حرفا واحدا على تلك التحية، كما أن جوارحي كلها كانت مركزة حول ذلك الوحش الذي معها وقد اقترب من ساقي اليسرى يشمها بنهم... كل أصحابي ومعارفي يعرفون بأني أكثر خلق الله خوفا من الكلاب فأنا بمجرد أن يقترب مني كلب، وإن كان صغيراً ولطيفا كالكلاب المالطية، أصاب بما يشبه الشلل الرعاشي والخرف المبكر وبدايات الإسهال والسلس اللا إرادي وتبدو علي بوضوح آثار دوار البحر وآلام هي أشبه بآلام الولادة المبكرة، فتحوّل عيناي وتلتف ساقاي وكأني مصاب بحصار شديد،،، فأبدأ أتحدث في أمور ليس لها أي معنى وأتفوه بكلمات ليست في أي قاموس!!! واصلت تلك العجوز محاولاتها معي معتقدة بأن خوفي وارتباكي ليس إلا خجل منها إذ أنها لا شك تحسب نفسها فاتنة مثيرة،،، بين الفينة والأخرى كانت اللعينة تبل شفتيها بطريقة مقرفة وهي تنظر إلي بفجور... كلبها، هو الآخر فاسق منحرف فقد أثاره أمر ما بحذائي فاقترب منه وأخذ يحك جسده به بطريقة شبقة مثيرة للتقزز وهو يصدر أصواتا غريبة كأصوات من يعاني من إمساك شديد،،، تلك العجوز اللعينة عندما رأت موقف كلبها الشاذ من حذائي المغري قالت لي أشياء بالهولندية إلا أنه ولحسن حظي لم أفهم منها شيئا إذ بدت لي وكأنها جمل فاحشة الفجور!

في المقعد المجاور كانت تجلس أم شابة وطفلها الذي لم يتجاوز الثامنة بعد، التفت الكلب الشاذ لحذاء الطفل فاقترب منه وفعل الشيء ذاته الذي كان يفعله بحذائي فما كان من الطفل إلا أن أمسك بخصيتيه وعصرهما عصر الليمون الناضج، فصرخ الكلب صرخة لم أسمع مثلها من كلب قط وتلوى وعوى وأصيب بعرج في ساقه اليمنى وعاد "أفشحا" إلى صاحبته العجوز الذي بدت منزعجة للغاية من فعل الطفل وراحت ترطن بما بدا لي وكأنه سباب،،، في اللحظة ذاتها جاء قطاري وغادرت المشهد والكلب قد فرّق بين ساقيه وكأنه سيلد.

تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة


-----------------------
* مدير إدارة المطبوعات والنشر بوزارة الإعلام البحرينية