Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الاثنين، أغسطس 22، 2005

أمستردام


يقال أن القنفذ إذا ما أراد جماعا مع عشيقته يطوف حولها مرات ومرات إلى أن تتكرم وتتنازل وتتفضل عليه بتقبيل الحجر! والجمعة الفائتة طفت حول الغرفة مرات ومرات ولكن ليس للأمر الذي طاف من أجله ذلك القنفذ الشبق وإنما لما أثارته في نفسي حشرة بغيضة شرعت في مهاجمتي دون سبب أعرفه وليتها أدركت أي جسد شريف هذا الذي غرست رماحها فيه وأي دم طاهر هذا الذي عبّت منه!

بعد الطعنة الأولى التي وجهتها لي تعاليت على الألم ودخلت حالة من التصوف والإيمان بالقضاء والقدر وأظهرت شوقا للآخرة وحنين للحور العين في جنة النعيم وعزوفا عن هذه الدنيا الدنية وصرخت بأعلى صوتي "فزت ورب الكعبة" إلا أنها لم تكن من أهل القبلة بل وليست من المؤمنين بالآخر على ما يبدو فحشرات هذا البلد "الكافر" كأهله تماما لا تؤمن بدين ولا ملة،،، لم تتورع تلك العاهرة الصغيرة عن توجيه طعنة أخرى (على يدنا الشريفة هذه المرة) أشد من الأولى، كدت أن أبكي من شدة الوجع إلا أن حادثة كهذه وإن كانت عظيمة جليلة لا تخرج مؤمن مثلي من إيمانه ولا تزحزح من يقينه، فما كان مني إلا أن ازددت إيمانا بالقضاء المحتوم وناديت "ربي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" ولكن اللعينة الكافرة ما إن سمعت ذلك النداء حتى انهالت علي عضا وقرصا في كل بقعة من جسدي الطاهر فبكيت بكاءً كربلائي وتعفرت كعجوزة "استسرت" في مأتم نساء عامر،،، بعد أن يأست من استجابة السماء لنداءاتي وابتهالاتي المتكررة وبرقيات الاستعطاف والاسترحام التي أرسلتها، انتهى بي الأمر متودداً لإبليس حتى ينهي عذاباتي فاستجاب بشرط (وما أسرع ما يستجيب) فغدوت مدينا لإبليس ولأني مؤمن فلا بد أن أفي بعهدي الذي عاهدته.

السبت الفائت زرت أمستردام زيارة سريعة ليوم واحد مع وزجتي الكريمة، للترفيه والترويح بعد يوم عصيب عانيت فيه ما عانيت مع تلك البعوضة الفاجرة التي لم تراعي في جسدي النحيل العليل إلا ولا ذمة (لعنة الله عليها وعلى الجهة المخابراتية التي أرسلتها للنيل من مناضل سياسي كبير بالكيبورد والقلم فقط)... ما أن خرجنا من محطة القطارات المركزية حتى فتح لنا الشارع ستائره كاشفا عن مناكر الدنيا ومغرياتها فبعد "متحف الجنس" المليء بالصور والمجسمات المثيرة لكل أنواع الغرائز والمعبرة عن الشبق الذي عانت منه كل الحضارات السابقة (يكلف الدخول لهذا المتحف المتميز يوروين اثنين فقط إلا أني والشهادة لله لم أدخله!) بعد هذا المتحف بخطوات مقهى صغير يقع على الشارع العام المؤدي إلى المركز القديم للمدينة، اسمه "تيزرز" تقدم الطعام فيه فتيات غاية في الجمال شبه عاريات بل عاريات، فعدا الجوارب والأحذية وخيط رفيع يغطي المؤخرة وآخر على الصدر لا شيء سوى ذلك يحجب عنك رؤية الجنة!!!

ما إن وصلنا قبالة ذلك المقهى اللطيف (ولسوء طالعي ذلك اليوم كانت أحدى الفتيات تقدم الطعام لزبون لعين شاء أن يطفح طعامه في الخارج أمام الناس دون اعتبار لمشاعرهم الحساسة) ما إن وصلنا ورأت زوجتي المسكينة ذلك الموقف الأليم حتى تجمد الدم في عروقها  وأخذت يداها ترتعشان وصوتها يتهجد حتى ظننت أنها ستبكي إلا أنها صرخت بي قائلة "خلنا نرجع"!!! أبليس اللعين لم يفته تذكيري بالوعد الذي بيني وبينه فكان يدندن في رأسي بين الحين والآخر "ويش،،، وين الوعد؟!!" (هذا الفسّاء اللعين لا يدرك بأني الآن تحت رحمة سلطة أقوى منه ومن إيماني الذي استطاع التغلب عليه بالأمس، أنا تحت رحمة سلطة زوجتي وولايتها التكوينية عليّ)!!!

بعد نقاشات طويلة ومريرة مع المدام ومحاولات يائسة وبائسة لإقناعها بأن مثل تلك المشاهد لا تؤثر في نفس الرجل ألبتة بل أنها تشعره بتقزز وقرف شديدين!!! بعد كل ذلك وافقت على مواصلة المشوار والتخلي عن فكرة العودة، فتمشينا في الأسواق والأزقة القديمة وحضرنا احتفال "sail amsterdam 2005" وقضينا وقتا ممتعا بمشاهدة مئات السفن والقوارب التي قطعت آلاف الأميال من موانئ بلادها الأصلية لإمستردام خصيصا لذلك الحفل... بعد ذلك عدنا للتجوال داخل شوارع أمستردام وأزقتها فانتهى بنا الطريق إلى شارع بدا لي ولوهلة وكأنه سوق للملابس الداخلية فعلى طرفي الشارع عشرات "الفترينات" تقف بداخلها، خلف الزجاج، ما ظنناه "مانيكانات" بملابس داخلية مغرية ألا أنه وبعد لحظة سمعت شهقة من زوجتي فقلت لنفسي لربما "غصّت" المسكينة ولكنها صرخت بي غاضبة "وش هالمسخرة؟!!" فقد اكتشفت بأننا في شارع لبيع الهوى فالفتيات في "الفاترينات" كن حقيقيات من شحم ولحم (أبيض في الغالب) ويغمزن بأعينهن ويأتين بحركات فاجرة لكل من يمر بذلك الشارع وعند بعض المحلات توقف بعض الشباب للمساومة والاتفاق على التفاصيل!!!

انتهى بي ذلك اليوم مخفورا للمنزل بجمل التبرم البحرانية المعروفة والتي حسبتها لن تنتهي أبدا،،، مجبرا على الرضوخ
لمطالبها بـ "حق العودة" ... وأبليس، ذلك اللوفري اللعين، لم يفتأ طيلة تلك الرحلة يذكرني بالوعد الذي قطعته له!!!

تحياتي للجميع،
حسن الخزاعي