Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الخميس، أغسطس 18، 2005

الساعة الآن تمام المهزلة


"لم اتفوه قط بكلمة تافهة او بقول يبعث على الضحك"
يسوع المسيح
===============

أما آن لهذه الرحلة أن تنتهي، أما آن لنا أن نتوقف ولو للحظة نتابع بعدها المسير؟! ... طأطأت برأسها قليلاً، دون أن تتوقف أو حتى تبطئ من مشيها... رمقت الضفة الأخرى بنظرة ثكلى، ولسبب ما ظننت أنها ستقف ... لكن، ولسبب آخر مجهول، لم يفاجئني أن قالت: "ضفاف ذاكرتي طويل ولم نبدأ المشوار بعد!" .. واصلت المشوار وأنا أتبعها،،، أمواج الذكريات تغسل أقدامنا الحافية التي ما فتئت تجرح وجه الرمال،،، نزيف الأبجديات يستمر على طول الطريق بلا انقطاع،،، يضمخ جيد الذكريات أكثر وأكثر،،، إلا أن الضفة الأخرى لا تدنو أبدا وصوت خافت ينادي من بعيد:

"لن تصل الضفة الأخرى إلا إذا قطعت الماء ... لن تصل الضفة الأخرى إلا إذا قطعت الماء"

ميغيل دي سرفانتيس الأديب الإسباني الأشهر، ما تمكن من عبور الماء للضفة الأخرى وفضل الاختباء وراء اسم "سيدي حامد بننجلي" المستعار ليروي للناس رائعة "دون كشوت" (أو "دون كخوت" على رواية مغاربية ضعيفة)، "دون كيشوت" الذي قرأ أساطير الفرسان حتى صدق أنه أحدهم فراح يقاتل طواحين الهواء متوهما أنها العمالقة أما الشحاذين والصعاليك فجيوش الأعداء، "دون كشوت" لم يمت بعد إنما استبدل اسمه فقط.

"دون كيشوت" قرأ عن العرب والعروبة حتى صدّق أنه ابنها وراح يقاتل الآخرين زاعما أنه يدافع عنها، بالرغم من أننا نعرف، كما يعرف سرفانتيس و بننجلي أيضا، بأنه لا يمت للعروبة بصلة، وبالرغم من أن احمرار بشرته وضخامة أنفه يرويان لنا قصة الريح الصفراء النتنة التي حملته من بلاد ما وراء جبال زاجروس ورمت به على هذه الجزيرة البائسة!

للأسف لم يذكر لنا المؤرخون من أي قوم هو بالتحديد إلا أنني أرجح أنه من الجوتيين (الذين أسقطوا الدولة الأكادية) ذلك أن له وجه يشبه الـ "جوتي" كثيرا!!!

"دون كيشوت" لازال نبيلا، كما أخبر عنه بننجلي وسرفانتيس، إلا أن نشأته الصعبة خلقت منه شخصية جبانة ورعديدة، فكما ذكر المؤرخ البحراني الأعظم، سير اللجام، في سيرته بأنه ومنذ أن كان طفلا يجر من ورائه ذيل حفاظه المصنوعة من قطعة قماش أبيض، هي على الأرجع من مخلفات أكياس مطاحن الدقيق، وتلاحقه بضع ذبابات سود يتمايلن سُكراً بفعل الرائحة العبقة التي كانت تتبعه هي الأخرى كضربان استهل يومه بالتهام وجبة بيض مسلوق، منذ أن كان بتلك السن الصغيرة وهو يتعرض لأبشع أنواع الاضطهاد والتحرشات الجنسية!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي