أخبار
الوقت يكاد يفطس وأنا لازلت عاجز عن اتخاذ قرار،،، زوجتي تقترب أكثر وأكثر،،، الخوف ينمو بداخلي ويزدهر أكثر وأكثر إلا أن النشوة تمنعني من التوقف،،، أنا موقنٌ بأن كل المتمترسين وراء الشاشات يأسرهم المشهد مثلي، بل ربما أكثر!!! الحيرة تشل تفكيري، عيناي تتثلجان في مكانهما ولهيب الشوق يحرقني... لست أدري أأمسكه على هون أو أدسه تحت الكرسي،،، أياً يكن القرار فلن أستخدمه مهما كان...
الكرة الأرضية توقفت عن الدوران،،، فقدت جاذبيتها، وذاك شيء متوقع فكل الجاذبية وراء الشاشة،،، الأشياء تبدأ في الطيران من حولي،،، أراني أطرق أبواب مدينة العجائب التي فتحتها المجاهدة الفاضلة "أليس" يوما ما،،، نسيت كل شيء، أظن أنني حتى نسيتني!!!
تلك هي اللحظات الوحيدة التي يبدو لي العالم فيها وردي كحليب فراولة نقي أو ربما كظهر "بينك بانثر" النحيل (ترن ترن حسب الرواية البحرانية)، واستمتع فيها بمشاهدة صور المذابح وأخبار التفجيرات بل حتى كلمة "سلفي" التي عادة ما تصيبني بحساسية مفرطة وحكة فكرية مقرفة و"أم زيغة" بين فصي المخ (أم زليخة على رواية أخرى مُضعّفة)، حتى تلك الكلمة الكريهة أسمعها كأنغام مسيقى عذبة.
زوجتي تكاد تصل، وصوت أم كلثوم يصرخ بداخلي:
"أعطني حريتي أطلق يديا *** إنني أعطيت ما استبقيت شيئا ...آآآآآآآه من قيدك أدمى معصمي لم ابقيه وما ابقى عليا..."
تلك لحظة عصيان مدني، لحظة ثورة وهيجان،،، ذلك الهيجان الذي لا يمكن لأحد إيقافه، لا الخواجة ولا علي سلمان ولا حتى عيسى قاسم!!!
الوقت يهرول والأخبار على وشك الانتهاء،،، تتحول الصورة عنها،،، تظلم الدنيا،،، تستعيد الأرض بعض عافيتها وتبدأ الأشياء بالهبوط وتتعالى صرخات استعطاف بداخلي:
"لا تغيب عن عيوني لا تغيب... لو تغيب تشتعل نيران شوقي وانتهي مثل الحريق لا لا لا،،، لا تغيب"
زوجتي فوق رأسي الآن،،، يدي، وبحركة لا إرادية، تستل جهاز التحكم من تحت الكرسي وترّحل المشهد إلى قناة البحرين أو السودان قبل أن تلتفت إلى أن "إيمان بنورة" كانت تتلو الأخبار!!! (إيمان عياد بعد طلاقها)
تحياتي،
حسن الخزاعي
khuzaei@hotmail.com
<< Home