Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الثلاثاء، يونيو 06، 2006

ظلال الألم - 2

جئت أطرز الهم حروفا على ورقي وأنقش الألم خضابا.. جئت أجمعني.. أشعلني.. أحرقني ثم أذروني رمادا يقرأه الناس.. كتاب ذكريات مهمل، أنا.. جئت أقرأ نفسي لنفسي وأصب دموعي كدراً مقروء!

بعد ظهيرة ذلك اليوم، فتحت عيني لأجد النور قد انطفأ بهما. لم أصدق أن أحدهم قد سرق مني بصري وقد كنت أسلمت عيني للنوم بصيرة قبل سويعات. دُرت ببصر لا وجود له أبحث في المكان عما يمكن رؤيته.. مصباحنا المعلق في السقف أشاح بنوره عني وجدران بيتنا العارية ارتدت سرابيل سود لتختفي وسط بحر الظلام الدامس.

بكيت حتى أحسست بجفاف في حلقي دون أن يلتفت أليّ أحد فأدركت أني في البيت وحيدا ساعتها.. الصمت بحر ظلام آخر.. تتقاذفني أمواجه العاتية.. تغرقني.. اختنق بعبرتي.. أبكي.. أصرخ ثم أبكي وأبكي حتى تبل دموعي تلك الأسمال البالية المحتضنة جسدي الضئيل.

وقفت أتحسس الأشياء من حولي.. تعثرت ثم وقفت لأتعثر ثانية.. بضعة أقدام كانت تفصل بيني وبين الباب إلا أنها استغرقتني وقتا ليس بالقصير.. خرجت للحي مرنخاً بالعرق والدموع أسبح في بحر من الخوف والفزع.. طفل أعمى يحارب أشباحا عملاقة يبحث عن حضن يرتمي به فلا يجد إلا الجدران تصفعه وتتقاذفه.. يتحسسها بكفه الصغيرة وكأنه يستجدي منها شيء من حنان أو عطف فتصده ليجرب حظه مع حائط آخر... كأني كنت أسمع أحدهم يندهني إلا أن الغريق لا يسمع الأصوات جيداً، وكذلك كنت.. مضيت ميمما جهة بيت أحد الجيران كنت أعرف أن أمي عادة ما تذهب لزيارتهم بعد الظهيرة.

بابهم الخشبي المهترئ يفضي لباحة صغيرة، مفروشة بالرمل وسط البيت، ولجت الباب لأتعثر عند عتبته.. جرحت شفتي السفلى فاختلط الدم بالدموع بحبات الرمل.. أجهشت بالبكاء وأنا أحاول نفض الرمال ومسح الدم عن وجهي.. سمعت صوت أمي وبعض النسوة وهن يتراكضن نحوي... رفعتني عن الأرض ضمتني إليها ومسحت الدم والدموع عن وجهي ولم تكن تدرك بعد بأني عاجز عن رؤيتها.


يتبع<<<


تحية ود،
حسن الخزاعي
المنامة المحروسة