موجة حر
الحر اللعين لا ينفك يطاردني من مدينة لأخرى، حتى إلى أوربا المحروسة بعين الآلهة أجمع من بن لادن وكل إسلاموي "مصرقع"، أوربا التي أعفتها السماء من لعنة القيض وبلاء الحر تجتاحها هذا الأسبوع موجة حر شديدة نسبيا بعد أسبوع من الفيضانات والحرائق،،، درجات الحرارة تجاوزت الثلاثين مئوية فانطلقت موجة عري متساوقة مع موجة الحر تلك ما أدخلني في جدالات عقائدية عقيمة مع حرمنا المصون انتهت بفرض إقامة شبه جبرية عليّ صوناً لنفسي وحفاظاً على القيم الإسلامية التي أحملها!!!
بعد بحث وتدقيق وتمحيص في الأسباب التي من شأنها دفع درجات الحرارة للارتفاع بهذا الشكل الغير مسبوق، وجدت بأن الحرارة لابد وأن تكون أحد أعراض غزو الخليجيين لأوربا هذه الأيام، فبدلا من فرار زنابير السلفية الملعونة (حسب تعبير سوسن الشاعر) من أعشاشها في لندن بعد تفجيرات يوليو فر السياح الخليجيون من هناك وانتشروا كالوباء في ربوع أوربا فصيروا الشامبزإليزيه في باريس كأحد شوارع حي السيدة في سوريا،،، أينما تلتفت تجد شيئا أسود في وسط كومة من اللحم الأبيض الشهي، تحسبه لوهلة قط أسود كتلك القطط التي نسميها في البحرين "سنانير السعف" ربما قد ضل طريقه إلى هناك أو ربما جاء للترويح عن نفسه كما الآخرين إلا أنك مع مزيد من التدقيق في المشهد تكتشف بأن ذلك السواد ليس إلا "دفة" خليجية أو "بخنق" وفي بعض الأحيان "بطّولة" فترتفع في نفسك مؤشرات الفخر والاعتزاز ببنات جنسك الائي كن محتشمات لدرجة أنهن لم يتخلين عن حجابهن حتى في الشامبزإليزيه إلا أن تلك المؤشرات لا تلبث أن تتراجع بحدة مع مشاهد المعاكسات البدائية التي ينخرط فيها هؤلاء فتخجل حتى من انتمائك لهم فترفع رأسك للسماء وتسائلها لمَ لم تخلقك هنديا من طائفة السيخ أو مصريا تقتات على الفسيخ أو من أي جنس آخر من أجناس هذا الكون الفسيح؟!
ما يفعله هؤلاء بعد صولات وجولات من المعاكسات السخيفة والمطاردات المقرفة، يصيبني بنوع من "أم الزيغة"* بين فصي المخ وحكة فكرية وكحة آيدلوجية وبعض مغص ديني حاد يؤدي في نهايته لإسهال معرفي وسلس عقائدي،،، فما أن ينتهوا مما كانوا يفعلون حتى يشرعوا في رحلة بحث عن طعام نباتي يطفحوه أو يصطفوا في طوابير كطوابير النمل عند مطعم لابون اللبناني، الواقع على أحد الشوارع المتفرعة عن الشامبزإليزيه، ليشتروا "شاورما" من اللحم الحلال بعشرين ضعف سعرها في بلادهم!!! الآلهة وحدها قادرة على إحصاء كم التناقضات التي يعيشها هؤلاء، "دفيف" و"بخانق" و"بطّولات" ومعاكسات وشبق جنسي وإصرار على تناول اللحم الحلال... لست أدري أي فكر هذا الذي يحل لحم النساء ويحرم لحم الماعز!
سعوديون، كويتيون، إماراتيون، قطريون وقليل من البحرينيين غالبيتهم لا يحمل في رأسه بالقدر الذي يملأ جيوبه، انتفخت أكراشهم من البترودينار وأثروا (في الغالب) في غفلة من أجهزة الرقابة في بلادهم، جاءوا إلى هنا ليعطوا صورة سيئة عن أهل الخليج، جاءوا إلى هنا تاركين ورائهم عشرات الآلاف من الجوعى في بلادهم... استثنيت من تلك اللائحة بعض العمانيين الذين التقيتهم هناك، ذلك أن هؤلاء لم يكن من بينهم من يرتدي شيئا أسود (لا دفة ولا بطّولة ولا بخنق ولا حتى برنص) بل كن يكتفين بارتداء "المشامر" المزكرشة!!!
تحياتي،
حسن الخزاعي
باريس المحروسة
----------------------------------
*أم الزيغة باللهجة البحرانية هو "السُلاخ" وهو نوع من الالتهابات الجلدية التي تصيب منطقة ما بين الفخذين.
<< Home