Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الثلاثاء، سبتمبر 13، 2005

الكعبة لنا



ترددت كثيرا قبل أن أكتب دفاعاً عن خزاعة المسكينة التي ألصق بها العرب زورا وبهتانا (كعادتهم دائما) بيع الكعبة بـ "بُطل" خمر إلا أن واجب النداء القبلي المقدس يدعوني للرد على الافتراءات وتزوير التاريخ ومحاولة التلاعب بأحداثه وتلميع شخصياته وإظهارها بمظهر بطولي كاذب.

يروي العرب بأن "جُرهم" كانت قد استلمت سدانة الكعبة بعد موت "نبت" بنت نبي الله إسماعيل ثم ما لبثت أن خسرتها لصالح خزاعة التي هزمت جرهم شر هزيمة ولعب بها "الشوتحة" (لاحد يسألني يعني وش الشوتحة لأني بصراحة ما أدري) واستولت على الكعبة منهم بالقوة وطردتهم منها طريدة الطراروة

فلمـــــا هبطنــا بطــن مكة أحـمدت *** خزاعــة دار الآكــل المتحــامل

فحــــلت أكاريســـا وشــتت قنـابـلا *** عـلى كـل حـي بيـن نجد وساحل

نفـوا جرهمـا عن بطن مكة واحتبوا ***  بعــز خــزاعي شـديد الكـواهل


ثم جاء عمرو بن لحي، شيخ خزاعة إذ ذاك، بهبل من الشام إلى الكعبة كما ذكر ابن هشام* وعمرو بن لحي هذا هو أول من لبى بالتلبية المشهورة قبل الإسلام:

"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك" حسب ما جاء في سيرة ابن اسحاق**

يعني عمرو المسكين كان مبدعا رغم كل ما أشيع عنه، فليس لعقل متواضع أن يبتدع تلبية قوية كتلك إلا أن العرب، سامحتهم السماء، يملأ قلوبهم الحقد والغيرة من المبدعين ثم إن عمرو كان كريما كرما خزاعيا لا مثيل له فقد ذكر الأزرقي بأنه:

"ذبح أيام الحجيج عشرة آلاف بدنة وكسى عشرة آلاف حلة في كل سنة يطعم العرب ويحيس لهم الحيس بالسمن والعسل"

"حيس بالسمن والعسل"، هذا مثل الميلك شيك في أيامنا هذه، فتصور عزيزي القارئ أن يوزع أحدهم ميلك شيك مجاناً على الحجيج بالإضافة إلى ملابس من أرقى بيوت الأزياء العالمية،،، تصور عند ذهابك للحج تُعطى زوج أحذية من بالي وبدلة من أرماني وربطة عنق "بوس" وقميص "فيرساتشي"،،، فهذا ما كان يقوم به عمرو بن لحي الذي يلعنه العرب ليومنا هذا!!! حتى الآن في عصر الطفرة النفطية والأموال الطائلة لا يوزعون ذبائح مجانية ولا ملابس راقية ولا حتى بالية ولا عسل أو حتى بصل... الله يرحم أيام خزاعة

المهم.. توارثت خزاعة سدانة بيت الله كابر عن كابر حتى انتهت إلى حليل الذي زوج ابنته، حُبى، إلى قصي بن كلاب، جد النبي محمد، وكان قصي هذا ارستقراطي فاحش الغنى وسياسي داهية وأظنه تزوج حُبى الخزاعية الجميلة الرشيقة التي يفوق جمالها جمال "إيمان بنورة" و "نانسي عجرم" بقصد الاستيلاء على الكعبة من خزاعة! وما يؤكد ظني هذا أنه وبمجرد أن انتقل حليل إلى جوار ربه (رحمة ربي عليه) حتى (طلع قصي لخزاعة من خشف الركبة) ليطالب بشرف سدانة الكعبة دوناً عنهم، الأمر الذي استفز جماعتنا كثيراً فدخلوا معه في حرب طاحنة طويلة ولكن بسبب الإمبريالية العالمية وتحالفات قصي مع ملوك الشام والعراق واليمن والحبشة وعلاقاته الاقتصادية المعقدة من خلال رحلتي الشتاء والصيف التي كان يقوم بهما في كل عام (راجع إيلاف قريش)، استطاع أن يجبر خزاعة على الدخول في مفاوضات مرثونية تحت عنوان "الأرض مقابل السلام" وبرعاية حليفه القوي "عمر بن عوف بن كعب" من تميم فخرج حكم عمر هذا فجا ومخالف لكل القوانين الدولية والأعراف المعمول بها فصرح دون خجل أو حياء:

"إن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وان كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يشرخه تحت قدميه، وان ما أصاب خزاعة وبنو بكر من قريش وبني كنانة وقضاعه ففيه الدِّية مُؤدَّاة، وان يخلَّى بين قصي بن كلاب وبين الكعبة ومكة" (راجع سيرة ابن اسحاق)

خلاصة القرار 181 الذي خرج علينا به عمر بن عوف هو أن دماء الأبرياء من خزاعة موضوعة أي ليس عليها دية وأن دماء المحتلين القرشيين عليها الدية وبأن الكعبة (مالتنه) صارت لقصي! جماعتنا ما سكتوا عن هالقرار الجائر ولكن لم يكن بيدهم حيلة فاضطر زعيمهم "أبي عبشان الخزاعي" وقد كان عجوزا متخلفا ومصاب بنوع من الخرف المبكر والصرع "وضاربتنه أم الديفان"، اضطر لبيع الكعبة لقصي بـ "بطل" كونياك معتق وجلسة عود حيث أنه (رحمه الله) كان صاحب كيف ومحباً لجلسات الطرب وممن يقدر المسيقى الأصيلة!!!

ما إن استقر الأمر لقصي حتى قام بإبادة جماعية للخزاعيين ونفيهم خارج مكة ومنذ ذاك صاروا لاجئين في أصقاع الأرض وقد قام العرب بتزوير التاريخ والادعاء بأن خزاعة باعت بيت الله طواعية بـ "بطل" خمر فقالوا "أحمق من أبي غبشان" وقال شاعرهم:

باعت خزاعة بيت الله صاحبه - بزق خمر فلا فازوا ولا ربحوا

اليوم لابد للخزاعيين من المطالبة بحقوقهم التاريخية في الكعبة ومن يساندهم في ذلك يضمن أن يحصل على ميلك شيك وبدلة من أفضل الماركات العالمية عند زيارته لها.

تحياتي،
حسن الخزاعي

=======================
* "سيرة ابن هشام" لعبد الملك بن هشام بن أيوب
** "السيرة النبوية" لمحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي