Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الجمعة، سبتمبر 02، 2005

طريق العنز للجنة



توقفت سيارة ليموزين إلهية، بيضاء مجنحة، إلى جانب الطريق السريعة المؤدية للسماء السابعة مرورا بالست الأخريات دون توقف عند أي منها،،، ترجل من تلك الليموزين "الإكسبرس" ملاك صغير بالكاد كانت أجنحته تبين، فاستقبل الانتحاري وحيّاه بحرارة (ظنها الانتحاري آخر حرارة يحس بها قبل دخوله الجنة)... نظر الانتحاري بريبة لذلك الملاك الصغير الذي بدا متأثراً بالثقافة الغربية لحد ما، فتسريحة شعره الغريبة والجل الذي يسغسغ من ريش جناحيه يشيان بذلك، إلا أن الملاك لم يبد اكتراثا لنظرات الانتحاري المرتابة وتابع التصرف بعفوية تامة فأدار مسجل الليموزين الإلهية لتنطلق منها أصوات اغنية جميلة:

A little bit of Monika in my life ... A little bit of Erica by my side


هز الملاك الصغير جناحيه وتراقص طربا مع ألحان الأغنية فيما كان يترك مقود السيارة ويرفع كلتا يديه عاليا ويصيح بين الحين والآخر A LITTLE BIT OF متابعا للمغني وهو يرددها مما أثار استياء الانتحاري من تلك التصرفات الغير محتشمة فثار غضبه وصرخ بالملاك ناهرا:

- أطفيه بلا مونيكا بلا إيريكا وشغل لنا قرآن

ارتسمت ابتسامة خبيثة ساخرة على طرف فم الملاك الجميل وأجاب الانتحاري:

- قرآن ألحين؟! إحنا رايحين الجنة يعني خلاص ما كو داعي كلشي صار حلال، بعدين مونيكا وإيريكا وجيسيكا هذولة حور عين مو أي كلام... خلك سبورت شوي عاد

ما إن سمع الانتحاري قول الملاك بأن مونيكا وزميلاتها حور عين حتى اعتدل في جلسته وتحركت في نفسه أشياء وأشياء وحمد ربه وأثنى عليه وكاد أن يرتمي على أرضية الليموزين الإلهية ليقبلها ويبلها بدموعه الطاهرة لولا أن الملاك التفت إليه قائلا:

- خوك أرجوك رجا،،، تونا منجدين الليموزين وما فينا شدّة نرد ننجدها... كل مرة نوصل انتحاري ونگول له شي عن الحور العين يگعد يتبچبچ ويلعوزها سناسين...

قطعت الليموزين الإلهية آلاف السنين الضوئية، بين السماء الأولى والسابعة، في وقت قصير جدا فيما الانتحاري لا يتوقف عن طرح الأسئلة على الملاك الصغير عن الجنة وأحوالها والحور العين وأشكالهن والولدان المخلدين وأعدادهم والملاك يجيبه عن تلك الأسئلة ويثير في نفسه نار الشوق لدخول الجنة... لحظات وتوقفت الليموزين الإلهية عند بوابة جنة الفردوس الفخمة ففغر الانتحاري فاه في ذهول،،،

مُدت سجادة حمراء طويلة من عند باب الليموزين، حيث ترجل الانتحاري بصحبة الملاك الصغير، لعند بوابة جنة الفردوس حيث اصطف ثلاثة من الصحابة في ثياب قصيرة جدا لاستقباله،،، بدا للانتحاري وكأنه يعرفهم فابتسم لهم وابتسموا له حتى اهتزت أكراشهم المدببة،،، رفع كل واحد منهم شماغه إلى خلف أذنيه حتى غدا كحجاب أندنوسي ثم أمسك كل واحد منهم بيد الآخر وراحوا يتمايلون يمنة وشمالا وهم يغنون في فرح:

"يا طيبة يا طيبة يا دوا العيّانا اشتقنا لك والهوى نادانا"


أصطحب الصحابة الانتحاري فسألهم إلى أين يأخذونه فأجابوه بأن الوقت لازال صباحا وذلك دليل على حسن طالعه إذ أنه سيحضى بساعة إفطار جناوي مع الرسول بل وربما يشرب معه فنجان قهوة صباحية مباركة أو "استكانة" شاي... أطرب ذلك الخبر مسامع الانتحاري فغنى بصوت لا يختلف كثيرا عن صوت فريد الأطرش:

"ساعة بقرب الحبيب أحلى أمل في الحياة"


إلا أنه سارع للاستغفار عن هذ الذنب الكبير الذي اقترفه فطبطب أحد الصحابة على كتفه قائلا:

- ولا يهمك خوك أنت في الجنة ألحين كلشي أوكيييه

في الطريق مر الانتحاري بربوع الجنة الخضراء فرأى خرافها الوردية وأبقارها الهولندية البنفسجية ففرح وقرت عينه إلا أنه استاء لرؤية بعض البحارنة، الذين دخلوا الجنة حتما عن طريق الخطأ أو من خلال واسطة ما، استاء لرؤيتهم وقد أفسدوا نهري اللبن والعسل معا... فقد كانوا يسبحون بسراويل قصيرة (ماركة "أبو طقطق") في نهر العسل ثم لا يلبثوا أن ينتقلوا لنهر اللبن وبالعكس مما أفسد النهرين وخلط عسلهما بلبنهما!!!

قبل أن يصل الانتحاري والصحابة المرافقين له إلى حيث أخبروه بوجود النبي، رأى للمرة الأولى ثلاث حوريات عين، اثنتين في مايوهات صفراء فيما الثالثة ترتدي "جي سترينگ" أسود مثير،،، وما إن وقعت أعينهن عليه حتى رددن في صوت واحد وهن يتراقصن رقصة السيف البدوية المشهورة:

"يا هلا باللي لفانا يا هلا به عدد دگات گلبي في غيابه"


انطلق الانتحاري نحوهن كثور هائج فيما حاول أحد الصحابة عبثا أن يمسك بيده لإيقافه قائلا:

- بنروح للنبي!

فرد الانتحاري:

- أي نبي هالحزة؟! بعدين.. بعدين

ظن الانتحاري لابد وأن يكن مونيكا وأيريكا وثالثتهم الجميلة جيسيكا،،، تلاشت الجاذبية من تحت قدميه وأحس بأنه يطير وهو يصرخ فرحا "مونيكا ... مونيكا"،،، سعادته تزداد والجاذبية تزداد انعداما من تحته،،، دقات قلبه تتسارع وصوته يخفت ويخفت،،، لم يعد باستطاعته نطق الإسم كاملا،،، "مونيـ ... مو ... مو ... مااا ... مااااا"

أفاق الانتحاري فجأة مما يشبه الغفوة وهو يصيح "ماااا ... ماااا ... ماااا"،،، ألقى نظرة سريعة على جسده فإذا به يراه مغطى بالصوف بينما تحولت قدماه إلى كراعين عنزة صغيرة وكذلك يداه،،، انعدام الجاذبية لم يكن إلا بسبب أولئك الرجال الذين يحملونه إلى المذبح، ارتعدت فرائصه واصطكت أسنانه من هول ما يراه،،، استجمع قواه وسألهم باستنكار:

- وش السالفة يا جماعة؟!! أنا مو في الجنة لا؟!!

تعالت ضحكاتهم فيما أجابه أحدهم:

- لا يالطيب،،، الله طورك شوي وبعثك غنمة تقديرا لجهودك الجبارة والحين بنذبحك ويمكن في المرة الجاية ينعم عليك ويسويك فار!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي