Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الجمعة، سبتمبر 09، 2005

أشياء تشبه الوحي



ليس لمن هو مثلي مدفون تحت ذنوبه، منغمس بملذاته من كاهله لكاحله، هارب من ذاته لذاته أن يتجرأ ويدعي شيء كهذا،،، أي سفيه بل أي مخبول سيصدقني إن أنا تجرأت وأخبرته بما تقول؟!

لم يعجبه كلامي، على ما يبدو،  فاستشاط غضبا وصفعني بطرف جناحه الأيمن وأصر على أن أخرج للناس وأدعوهم!!!

عزف جنائزي كئيب ومسيقى تصويرية بطيئة أخذت بالتسارع فجأة،،، صفير ريح صفراء مرعبة يعلو تدريجيا،،، أتربة وغبار وأوراق شجر تتطاير وصرخات مخيفة تنطلق من زوايا المكان،،، الرؤية منعدمة تماما ورائحة الموت الباردة تسبح فوق رؤسنا،،، ضممت يديَّ وركعت تحت قدميه عبثا أرجوه أن يعفيني،،،

ما كان ملاكا من النوع الذي يمكنني التفاهم معه أبدا، فعلاوة على أنه لم يكن يجيد العربية تماما، قد كان متعصبا بل ومتطرف بعض الشيء حتى أني ظننته جديد بالمهنة أو لربما كان يعمل بنظام جزئي أو مؤقت،،، كان شكله مختلف بعض الشيء إذ أني لم أتخيل أبدا أن ألتقي يوما بملاك يسدل الغترة وهذا كان من النوع الذي يطلق اللحية وبشماغ يكاد أن يغطي ركبتيه المقدستين وقد رمى بشتا بدري اللون على جناحه الأيسر!!!

خاطبته مستنكرا وقد اصطكت أسناني خوفا:

- بس خوك شلون أگول للناس،،، نبي مرة وحدة محد بصدگني؟!! بعدين المفروض إنه خلاص ما فيه أنبياء بعد!!

عقد حاجبيه ونظر إليّ كمن ينظر لقطعة براز مقرفة ملقاة إلى جانب الطريق وقال:

- يا خروف،،، من گال لك نبي؟!

- عجل ويش،،، رسول؟!

- إنته ليش سور (يقصد ثور)،،، ما في فهم مولية؟!!

والله حالة،،، والله مردويسة،،، والله بغبسة .. أيعقل أن يخاطبني، أنا العبد الجليل، ملاك مبتدئ لا يجيد العربية حتى بهذه الطريقة المبتذلة؟!!! اللهم طـــــولك يا روح...

- طيب خوك فهمنا، إذا كان ما يصير أصير لا نبي ولا رسول عجل وش أصير؟!

- نبوس

- وش تبوس؟!! لا يكون انته ملاك من إياهم؟!! أرجوك إلزم حدودك ولا تفهمني غلط ها،،، ترا كلشي ولا هذا

قضّب جبينه وفغر فاه حتى بانت لهاته وصرخ بي فارتجت الأرض من تحت قدمي وصُمّت أُذنيَ ولدقائق طويلة لم أكن أسمع إلا "طـــــــــووووط" تتلوها "طـــــــــــــووووط" وبعد أن منت عليّ السماء بالخلاص من تلك الـ "طــــــــــــووووووطات" المتتالية، سمعته يقول:

- يا همار، نبوس يعني هالة (قصده حالة) بين نبي ورسول

ثم عطس واختفى!

فتحت عيني مفزوعا مرعوبا وقد بللت فراشي على ما يبدو، ولم تكن تلك مشكلة أبدا فبالإمكان دائما لصق التهمة بابنتي الصغيرة، إلا أن البلاء هو في مسألة كوني "نبوسا" للرب الآن!!! ترددت كثيرا وأصبت بحالة من التشكك في صحة ما رأيت إلا أني عزمت أمري وقررت أن أحكي ما رأيت لزوجتي علّها تساعدني على تفسيره... وكزتها وكزة لإوقظها من نوم هانئ فاستدارت إليّ منزعجة وقالت:

- وييييييييش؟؟

أجبتها:

- أنا نبوس!!

فردت بانزعاج وغضب:

- هد عنك هالسوالف وانچعس!!!

تحياتي،
حسن الخزاعي