مواعين السيدة - 1
ألقت بمؤخرتها الممتلئة على الأرض فاهتزت اهتزازتين، الواحدة منهما كانت بمقدار 8 درجات على مقياس الكافر ريختر ثم تبعتها ثلاث اهتزازات ارتدادية أخرى أقل حدة... تربّعت فاحتلت نصف قاعة المنزل تقريباً،،، شهقت شهقة عميقة فتطايرت الكتب والدفاتر والأوراق مسرعة نحوها بل إن كل شيء على رف ذلك المكتب القديم المقابل لها كان قد تحرك من مكانه أو اهتز،،، سحبت نفساً آخر فانتفخت كرشها المدببة كبالون ضخم،،، لازالت تسحب ذلك النفس،،، كرشها تتنتفخ أكثر وأكثر،،، تكاد تملأ المكان بالكامل،،، لم يبق شيء من أكسجين أو نيتروجين في ذلك البيت إلا وعبته في جوفها،،، كل الغبار الموجود في المنزل وجد له مكاناً في أنفها الضخم،،، أطبقت عينيها الضيقتين وعطست،،، في حركة ارتدادية عنيفة عادت كل تلك الكتب والدفاتر والأوراق لتنفجر متناثرة في كل مكان، الغبار تطاير بعنف، أصحاب المنزل تناثروا على الأرض فيما أحدهم وجد له مكاناً ليتدلى خارج المنزل من فتحة النافذة،،، مسحت خيط المخاط الشفاف بيدها اليسرى ثم رفعت يدها لتنظر إليه فابتسمت حتى كشفت عن أسنانها الذهبية ثم مسحته في عباءتها وهي تقول:
- وين المواعين؟!
فتحية، وبعد أن التصقت بالجدار كسحلية مضطربة خوفاً من أن تعطس السيدة عطسة أخرى، أعادت ربط الشريطة الخضراء على طرف جدلتها القصيرة ذات الشعر الأشيب الخفيف وأجابتها مرعوبة:
- أي مواعين؟!
قضّبت السيدة جبينها وعقدت حاجبيها كجناحي نورس معاق،،، تقوس فمها للأسفل ومدت شفتيها الغليظتين بمقدار قدم أو إثنتين حتى بدا فكها الأسفل وكأنه سيسقط، وقالت بلهجة "رأس رمانية" قُحة:
- مُواعيني اللي يبت لش فيهم هُريسة ومحلبية، اُرمُضان اللي راح!!
فتحية وكأن تيارٌ كهربائي عالي الجهد قد سرى في جسدها النحيل، اضطربت وارتعدت ثم أجابت متأتأةً بأنها لا تذكر أين أودعت ذلك الصحن القديم المتثلم الذي ملأته السيدة هريسة باردة ماسخة ذات رائحة كريهة وكأنها صنعت من لحم فئران، ولا حتى شيئا عن طاسة المهلبية الخضراء ذات علامة S الحمراء المميزة التي تختم بها السيدة أسفل أطباقها عادةً!
بدا الغضب واضح على محياها،،، تمايلت على جانبيها وكأنها طبّالة إفريقية سوداء في حفلة غنائية راقصة كتلك التي يحييها "بيت الفيروز" على طرف الحي،،، ارتكزت بيدها على فخذها الضخم وقامت مستندة إلى الجدار،،، فتحية التصقت بالجدار أكثر وفرائصها ترتعد وأسنانها تصطك خوفاً مما ستقدم عليه السيدة بعد ضياع مواعينها... اقتربت منها حتى كادت تلتصق بها تماما،،، كفريسة صغيرة أمام وحش كاسر لا يرحم، وجدت فتحية وجهها في قبالة ثديي السيدة الضخمين والمتدليين حتى ركبتهيا وقد تحركا حركة بندولية بفعل ثورة الغضب التي انتابتها! رائحتها لم تكن أفضل من رائحة هريستها المعروفة بين نساء الحي، حتى أن فتحية كادت ترتجل رائعة محمد عبدالوهاب "المية تروي العطشان" حتى قوله "صدقني خذ لك حمام"!!
يتبع >>>
تحياتي،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة
<< Home