Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الاثنين، مايو 01، 2006

جلسة طارئة

شيئان لا حدود لهما، الكون وغباء الإنسان إلا أني لست متيقناً بشأن الأول.

آينستين تقدست أسراره
..............................................
توترت أعصابه وتفصد جبينه عرقا ثم أُصيب بخدر غريب في أطرافه.. فجأة وعلى غير عادته، أخرج سبابته من أنفه، كمن يستل سيف من غمده، ثم دسها بسرعة تحت "شماغه" المسبل على كتفيه.. حك بها ما تبقى من شعر رأسه وتنهد..

لو كان الأمر محصوراً في هذه الحرقة التي يحس بها في مؤخرته لهان الأمر ولتجلد وصبر واحتسب، وله في ذلك أجر كما أخبره مشايخه، وهو على كل حال معتاد على ذلك النوع من الألم الحراق منذ ريعان شبابه عندما أصيب بداء في دبره تداوى عنه بتحاميل لزجة تركته مفرجا بين ساقيه ليومه هذا! إلا أن هذا الامتلاء الكريه الذي ينفخ كرشه المدببة بقوة ويدفع بالغازات المضغوطة داخلها نحو الأسفل لا يمكن السكوت عليه أبدا فهو كفيل بإحداث فضيحة قومية وتشويه سمعة البلد عالميا وربما أساء للصحوة الإسلامية في الداخل والخارج وربما استغله بعض الزنادقة والمنحرفين الصغار للنيل من مكانة طائفته المنصورة بإذن السماء!

قرأ بعض الأدعية والأذكار،،، ابتهل إلى السماء،،، هلل وكبر وكاد أن ينبطح على وجهه ويصلي صلاة الاستسقاء والميت والغائب دفعة واحدة، إلا أن الشيطان الساكن في تلك الغازات يأبى الخروج إلا معها،،، عبثا يحاول التغلب على تلك القوة المندفعة نحو الخارج قهرا،،، يقاوم انفلات عقالها كيلا تفضحه،،، تمانعه،،، يغير من جلسته،،، يقرقر بطنه،،، يكح ويتحمحم كي لا يسمع أحد تلك القرقرة،،، الأعين الفضولية لا تمنحه تلك الفسحة من الوقت التي يحتاجها لتجاوز الأزمة،،، يتظاهر وكأنه يعدل "بشته" فوق كتفيه... يتمنى لو أن يكون ذبابة صغيرة، فهذه اللعينة فساءة محترفة تملأ الأرض فساءاً ولا يلتفت لها أحد.

احتدم النقاش وتعالت الأصوات واشتدت حرارة الجلسة.. الكل يطلب فرصة للكلام ورئيس الجلسة أبلى مطرقته ضربا على تلك الطاولة، عبثا يحاول تهدئة النواب الغاضبين.. الضغط يزداد والمقاومة الباسلة لا تكاد تصمد أمام ذلك المد الغاشم... يرفع يده كما الآخرين مطالبا بفرصة للكلام.. رئيس الجلسة يمنعه.. يصرخ مطالبا بلحظات يشرح فيها حاله.. ينهره ويخبره بأن هناك من طلب الكلام قبله..

- أنت لا تعلم ضرورة ما أود قوله
- اجلس مكانك وانتظر دورك
- لا قدرة لي على الانتظار فالوضع حساس جدا والحاجة ملحة!

انقسم المجلس إلى فسطاطين حسب المذهب كعادتهم دائما.. فرقة تؤيد أن يُعطى فرصة للكلام قبل الآخرين لأهمية ما يريد قوله وأخرى تناكف رافضة وتصر على أن ينتظر دوره كما الآخرين.. صرخ بهم .. هدد وتوعد إلا أنهم أصروا على رأيهم ورئيس الجلسة محتار بين الفريقين..

لحظات صعبة وحاسمة.. ساعة مخاض مؤلمة.. آلام الطلق قد بدأت وليس بيد أحد إيقافها.. تلوى كأفعى مصابة بمغص كريه.. وقف ثم جلس ثم وقف وجلس.. تمرغ على مقعده وكأن به حكة في أماكن لا يمكن الوصول إليها.. بدأ يصدر أصواتا غريبة.. خرج من فمه زبد أبيض.. تأوه وتنهد ثم أنّ أنين يدمي القلوب.. أمر بعض النواب بطست ماء حار فأحوال الرجل لا تطمئن.. وقف فجأة رافعا يده اليمنى ثم أشار بإصبعه نحو السماء.. تأوه بقوة ثم أسمع الحاضرين مقطوعة لم يسمعوا مثلها من قبل!

فر من استطاع الفرار.. ورئيس الجلسة يضرب بمطرقته وهو يصرخ "الله أكبر.. الله أكبر".. بعضهم انخرط في بكاء صعب وعانق من كان بجانبه وآخرين استغشوا ثيابهم طلبا للأمان.. أحدهم أصيب بحالة هستيرية وراح يصرخ "الموت لنانسي عجرم وروبي وعثمان الخميس"!

بعد ساعة أو نحوه أفاق الجميع من تلك الصدمة ثم التأم المجلس مرة أخرى وأجمع أعضاءه، وللمرة الأولى، على اختلاف مذاهبهم ومللهم ونحلهم على أمر واحد هو "أن ما تفضل به النائب المحترم هو خير ما قيل في هذا المجلس منذ إنشائه".

تحية ود،
حسن الخزاعي
روتردام المحروسة