Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الأحد، فبراير 05، 2006

مقاطعة


نشر السيد كارستن يوسته رئيس تحرير يولاندس بوستن الجريدة الدنماركية التي أصبحت واحدة من أشهر الصحف الأوربية في الشرق الأوسط بعد أن لم يكن أحداً قد سمع بها من قبل، نشر رسالة على صدر موقع الصحيفة على الأنترنت ووجهها إلى مسلمي الدنمارك والعالم مفتتحاً إياها بتحية الإسلام، "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، في إشارة لاحترامه لمعتقد مخاطَبيه. الجدير بالذكر أنها لم تكن الرسالة الأولى التي تنشرها الجريدة ففي المرة الأولى لم تكن الرسالة رسالة اعتذار بقدر ما كانت رسالة إيضاحية إلا أن هذه المرة كانت الرسالة رسالة اعتذار من الطراز الأول حيث كرر رئيس التحرير مصطلحات الأسف والاعتذار ست مرات في رسالته ذات الست فقرات.

شخصياً أنسب الفضل إلى نفسي في كل ما حدث وفي نجاح تلك المقاطعة الشاملة للمنتجات الدنماركية وإجبار الصحيفة المذكورة على تقديم اعتذارها، ذلك أني كنت قد نشرت، قبل أيام، أخبار عن كتابي المعنون بـ "الأبقار في سياسة الأمصار" وملحقه الموسوم بـ "دور البقر في إدارة البشر" وحتماً أن الضغط الذي تتعرض له الدنمارك كان نتيجة لمقاطعة أبقارها التي صارت الواحدة منها تنوء بحمل ضرعين ممتلئين حليباً لا حاجة للناس به.

لأول مرة في حياتي أشارك في مقاطعة ما، بعد مقاطعة "البيبسي" الشهيرة إبان الإنتفاضة الشعبية في التسعينيات، والتي أجبرت شركة أحمدي بأن تتبرع بآلاف العلب من ذلك المشروب لمآتم الشيعة في المحرم إلا أن هؤلاء رفضوها حتى مجاناً وأذكر حينها كيف كانت الناس تنظر لمن يتجاهر باحتساء ذلك المشروب المقاطع فقد كان الخروج للشارع بدناني الخمر أخف وطئاً على الناس من رؤيتك حاملاً لعلبة الـ"بيبسي" وأعترف للتاريخ بأني خرقت ذلك الحظر على الـ "بيبسي" أكثر من مرة وبأني كنت أحتسيها خلسة داخل السيارة بعد أن أكون قد لففتها بالقراطيس حتى لا يلتفت إليّ أحد!

حتى أن أمي، أطال الله عمرها الشريف، ظبطتني بالجرم المشهود في إحدى المرات وقد اختليت بنفسي في زاوية خلف المنزل أحتسي البيبسي وأمج سيجارة LM رخيصة الثمن حيث أن ميزانيتي المتواضعة تلك الأيام لم تكن لتسمح لي ببذخ المارليبورو البيضاء أو الحمراء بل أنني في مرات كثيرة كنت ألجأ مضطراً لسيجارة "البيري" الهندية وهي أرخص السجائر ثمناً على الإطلاق إلا أن لها رائحة كالضربان تماماً، تصيبك بحالة هلوسة وتوعك معوي وتقيء فكري يعقبه حول جندري من نوع خاص ومن ثم تطفق تفكر في أشياء غريبة لا ينبغي أن يفكر بها الرجال بتاتاً!!!

عندما شاهدتني وأنا على تلك الحالة صُدمت وصرخت بي والدموع ملء عينيها:
- بعد الجگارة وگلنا أمرنا لله،،، ألحين وصلت فيك المواصيل للبيبسي؟!!!

تحية ود،
حسن الخزاعي
المنامة المحروسة
رسالة كارستن يوسته:

دعوني أولاً أؤكد على أن صحيفتنا يولاندس بوستن تؤمن وتثّمن حرية الإنتماء الديني وتساند الديمقراطية وتحترم كل فرد. نحن نعتذر على سوء التفاهم الكبير الذي حصل حول الرسومات التي شبهت الرسول الكريم محمد (ص) وأدت إلى نمو مشاعر العداء للدنمارك والدنمركيين، بما في ذلك الدعوة إلى مقاطعة البضائع الدنماركية. وهنا اسمحوا لي بإيضاح بعض النقاط آملاً إزالة سوء الفهم هذا.

قامت صحيفة يولاندس بوستن بتاريخ 30/9/2005 ميلادية بنشر اثنتي عشر صورة للنبي محمد (ص) رسمها رسامون دنماركيون. ومن المهم جداً الإشارة إلى أن هذه الرسومات لم يكن القصد منها النيل من شخص النبي (ص) بتاتاً، أو الحط من قيمته، بل كانت مدخلاً للحوار حول حرية الرأي، التي نعتز بها في بلادنا. ونحن لم ندرك حينها، مدى حساسية المسألة للمسلمين الذين يعيشون في الدنمارك وملايين المسلمين في العالم. كما أن نشر هذه الرسومات لم يتعارض بأي شكل من الأشكال مع القوانين الدنماركية فيما يتعلق بحرية الصحافة وإبداء الرأي.

لكن هذه الرسومات أساءت كما يبدو إلى ملايين المسلمين في كل أنحاء العالم، ولذلك نحن الآن نقوم بتقديم اعتذارنا وأسفنا العميق لما حدث لأن هذا بعيد كل البعد عن قصد الصحيفة، التي سبق لها أن حصلت على جائزة الامتياز من مفوضية الإتحاد الأوروبي، وذلك إثر نشرنا العديد من المقالات في ملحق خاص يدعو للتعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين الدنماركيين وكل الأقليات الأخرى في الدنمارك. وهذا الملحق شمل على العديد من المواضيع التي تحلت بالإيجابية عن الإسلام والمسلمين.

والذي حدث فيما بعد هو، أن رسومات (مقصودة) مسيئة للإسلام ونبيه الكريم محمد (ص) نشرت وعرضت في العالم الإسلامي، هذه الرسومات لا تمت إلى صحيفتنا ولا علم لنا بها، ونحن منها براء، لإنها لم تنشر في يوم ما على صفحات يولاندس بوستن. نحن نحرص دوماً ونؤكد على الأخلاق الرفيعة المبنية على أسس احترام المبادئ. لذا فإننا نبدي أسفنا العميق، كون البعض ما زال يعتقد بصلتنا وعلاقتنا بهذه الرسومات المغرضة.

وكي نعود إلى الرسومات الإثنتي عشر والتي نشرت لدينا فإن البعض يعود إلى سوء فهم مبني على اختلافات ثقافية، دون أن نفضل ثقافة على أخرى، قدمت وكأنها حملة شرسة نشنها على المسلمين في الدنمارك والعالم أجمع. هذه الفكرة نرفضها ونشجبها، لأننا نؤمن بحرية الأديان أياً كانت، ونقدس حرية الفرد بممارسة شعائره الدينية، ولم ولا نفكر بالمساس أو الإعتداء على أي ديانة. فإننا نأسف على إساءة فهمنا، ونؤكد أن المقصود لم يكن أبداً النيل من أحد.

وفي محاولة جادة من طرفنا لإزالة سوء التفاهم هذا، عقدنا العديد من الاجتماعات مع ممثلي الجالية الإسلامية في البلاد، وتمت الاجتماعات في جو إيجابي، والحوار كان بناءً. كما أننا نسعى وبكل الطرق لاستكمال روح الترابط والحوار مع المسلمين الدنماركيين.إن رغبتنا أولاً وأخيراً، هنا في الصحيفية، هي التعايش السلمي بين الشعوب، ونتمنى أن تسود روح الحوار، حتى لو اختلفت الآراء.
أخيراً، دعوني، وعلى لسان صحيفية يولاندس بوستن أعلن اعتذاري لما حدث وأعلن استنكاري الشديد لأية خطوة تستهدف النيل من أديان، قوميات أو شعوب معينة. وكل أمل أن أكون بهذا قد أزلت سوء التفاهم وبالله التوفيق.

مع أطيب التمنيات
كارستن يوسته
رئيس تحرير صحيفة يولاندس بوستن