كوكب الجهلة
بالرغم من إطلاقه العنان لخياله الخلاق في رائعته "كوكب القردة" إلا أن الفرنسي بيير بوليه فشل في الخروج بخياله على منظومة القيم الغربية ولم يتمكن من تخيل حضارة، حتى وإن كانت لقردة، من دون أن تكون ذات حكومة ديمقراطية منتخبة وهيئات قضائية مستقلة ومؤسسات اجتماعية حية لحماية الحريات، الأمر الذي يضع الواحد منا في غاية الحرج عند ما يقارن حال أمته بحال أمة قردة بوليه، فهذه الأخيرة ارتقت حتى أسست حضارة متقدمة تشبه إلى حد كبير حضارات البشر فيما نحن تأخرنا لدرجة أصبحنا معها قردة مرة أخرى في تطبيق دراماتيكي ساخر وعكسي لنظرية الترقي الدارونية.
الجنرال ثايد الذي يظهر كعسكري ذي توجهات نازية في النسخة الهوليودية لكوكب القردة، يأخذ شكل سلفي متطرف وعسكري سابق في النسخة البحرينية الساخرة لكوكب القردة (والمسماة ربما "كوكب الجهلة")، كلاهما متعطش للدم ويعمل على بث الكراهية بين الناس وكلاهما قرد بطبيعة الحال، إلا أني شخصياً أجد الجنرال ثايد الهوليودي أكثر قبولاً من الشيخ ثايد السلفي فالأول داهية وقائد محنك بينما الأخير يشتكي الغباء من غبائه.
الشيخ ثايد السلفي الذي اعتاد الدعاء على اليهود والنصارى والروافض في نهاية كل طقس من طقوس أكلة لحوم البشر على الطريقة السلفية سارع إلى نفي الاتهامات الموجهة إليه بسب الشيعة صراحة في صلواته مدعياً بأنه قصد بالروافض أولئك الذين يرفضون الإسلام في عمل متقن بنظرية التقية الرافضية التي يسخر منها السلفييون عادة إلا أن قرد غبي، بغباء الشيخ ثايد، لم يكن ليدرك بأن المشكلة ليست محصورة في سب الشيعة أو الروافض فحسب بل هي إيضاً شاملة لليهود والنصارى الذي يعتقد الشيخ بفدمه أنهم كلهم سيئون ولابد من إبادتهم عن وجه الأرض، ولو أنه أدرك تداعيات دعائه ذاك لربما زعم بأنه قصد باليهود أتباع روبن هود والنصارى لم يكن يقصد بهم إلا مؤيدي نادي النصر!! طبعاً المشكلة ليست في الشيخ ثايد وفكره السلفي التطهيري فقط وإنما في جيش القردة الحافين حوله والذين يرددون خلفه آآآمين بعد كل دعاء من أدعية أكلة لحوم البشر تلك، من دون مسائلة لهذه الأفكار الخطيرة والتي قد تقود أمتهم للهلاك.
تحية ود،
حسن الخزاعي
المنامة البائسة
<< Home