Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الخميس، سبتمبر 29، 2005

الحجاب



درجة حرارتي تشارف على الأربعين وأنا أخط هذه الأسطر الشريفة،،، أحس وكأن حفلة زار تقام في رأسي الآن،،، نزيف الأنف لا يتوقف أبدا وشلال الأفكار قد جف ماءه ونضب،،، كل ما أتمناه الآن حبة أسبرين فقد نفذت الكمية التي اشتريتها أمس الأول،،، كم وددت لو أستطيع أن أخرج للشارع عرياناً عل هذه الحرارة اللعينة تهبط قليلاً،،، تذكرت نجيب محفوظ وهو يقول "هو فيها إيه لو الواحد حب يمشي في الشارع عريان؟!"،،، نعم "هو فيها إيه يعني؟" خصوصاً والقوانين الهولندية لا تمنع ذلك،،، مددت رأسي خارج النافذة لأنفث دخان سيگارتي المارليبورو البيضاء،،، هذه السيگارة الصليبية اللعينة كنت قد تركتها لسنتين كاملتين إلا أنها أغرتني للعودة إليها مؤخراً،،،

الفتيات الهولنديات الفاتنات لا يتقين السماء في أنفسهن ألبتة، فبالرغم من ليل روتردام البارد يخرجن للشارع شبه عاريات ما أثار في نفسي تساؤل حول هذا التناسب العكسي بين حرارة الجو وتغطية الجسد، ففي بلاد النخيل المتصحرة تكاد لا ترى من المرأة شيئاً،،، عباءة وشيلة وحجاب وملفع وبرقع وبطولة وسروال وقميص بأكمام طويلة هذا بالإضافة إلى أشياء أخرى لا أعرف مسمياتها توضع على الساعدين خوفاً من أن ينكشفا إذا ارتفعت أكمام القميص أو العباءة،،، فيما النساء في البلاد الباردة شبه عاريات بل عاريات في أحيان كثيرة!


لا أريد أن أثير حول نفسي زوبعة واتهامات بإنكار ما هو معلوم في الإسلام بالضرورة كالحجاب ولكن الشخصية الملحدة بداخلي تتغلب على تلك المتدينة، القابعة في زوايا النفس تستغفر الإله، كلما قاربت مسألة الحجاب،،، هذا الكافر الزنديق الفاجر لا يكف عن تشكيكي في الحجاب والهدف من ورائه زاعماً بأنه لا يرى سبب وجيها يوجب على المرأة تغطية شعرها،،، أقول له بأن الشعر فتنة،،، فيضحك اللعين قائلاً بأن بعض الوسيمين من الرجال قد يشكل فتنة للنساء فلم لا يتحجب الرجال كذلك؟! بالأمس سرد علي ما قرأه في أحد الكتب مؤخراً من أن حجاب الحرة في الإسلام ليس كحجاب الأمة!!! زعم بأن حجاب الأمة كالرجل تماماً، أي هو تغطية ما بين السرة والركبة فقط بينما حجاب الحرة هو تغطية كل شيء عدا الوجه والكفين بل أن بعض المتشددين يرى وجوب تغطية الوجه أيضا!!! لست أدري ولكن ربما لأن الأمة سوداء، في العادة، والعرب لا يثيرهم اللون الأسود كثيراً لذلك لا يأبهون إن خرجت عليهم بثديين مكشوفين أو ربما اعتبرها أولئك البدو مخلوق أقل إنسانية من نسائهم المصونات!!!


الآية 59 من سورة الأحزاب هي التي فرضت الحجاب (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما)


وإليك بعض ما وجده من أقوال العلماء في بشأن أسباب نزول تلك الآية الكريمة:


( كان فساق أهل المدينة يخرجون بالليل فإذا رأوا المرأة عليها جلبابا قالوا "هذه حرة فكفوا عنها ، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلبابا قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها") (ابن كثير: 3/855 ).


( كان نساء النبي يخرجن بالليل لحاجتهن ، وكان الناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين ، فشكوا ذلك ، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا : إنما نفعل ذلك بالإماء فنزلت هذه الآية) ( طبقات ابن سعد : 8/141 ).


(يا أيها النبي قل لأزواجك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن و وجوهن ،ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يتعرض لهن فاسق ) ( تفسير سورة الأحزاب ) وهكذا ( لما كانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى أمرهن الله أن يخالفن زي الإماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن) ( طبقات ابن سعد : 8/141 )

ويضيف مجاهد يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة) ( تفسير الطبري لسورة الأحزاب).


(و ذلك أدنى أن يعرفن يميزن من الإماء و القينات فلا يؤذين فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن) (تفسير البيضاوي : 4/386)


مهلاً مهلاً فكل هؤلاء من علماء السنة وسيفرح بعض الشيعة المتشددين بذلك إذ أنهم وجدوا صيدا ثمينا لمعايرة السنة به في منتدياتهم والاحتجاج عليهم بصحة المذهب الشيعي،،، ولكن قبل أن يتعجل أحدكم ويفعل ذلك فليقرأ رأي علماء الشيعة في الموضوع:


(ذلك أدنى أن يعرفن) يميزن من الإماء والقينات فلا يؤذين فلا يؤذيهن أهل الريبة) ( الصافي للكاشاني : 5/203)


( ذلك أدنى أن يعرفن ) أنهن حرائر (فلا يؤذين ) يتعرض أهل الريبة لهم كتعرضهم للإماء ) ( تفسير شبر : 1/425).


(كان في الجاهلية تخرج الحرة والأمة مكشوفات يتبعهن أهل الريبة، فأمرهن باجتناب المواضع التي فيها التهم الموجبة للتأذي بالتستر لئلا يحصل الإيذاء الممنوع منه ...فأمر سبحانه بالتجلبب ...ذلك ان أهل الريبة كانوا يمازحون الإماء، وربما كان يتجاوزا لمزاح إلى ممازحة الحرائر، فإذا قيل لهم في ذلك قالوا حسبناهن إماء !! فقطع الله عذرهم ) (مقتنيات الدر للطهراني : 8/325)


( الجلباب : هو خمار المرأة ،وهي المقنعة تغطي جبينها ورأسها إذا خرجت لحاجة ، بخلاف خروج الإماء اللاتي يخرجن مكشوفات الرؤوس والجباه في قول بن عباس ومجاهد، وقال الحسن : الجلابيب : الملا حف تدنيهن المرأة على وجهها وذلك أدنى أن يعرفن من الإماء ومن أهل الريبة فلا يؤذين )( منتخب التبيان للحلي : 2/203).


( تغطية الرأس والوجه اقرب إلى معرفتهن بأنهن حرائر من ذوات العفاف والصلاح فلا يتعرض لهن الفساق من الشباب كما كان منعادة الجاهلية التعرض للإماء ( فلا يؤذين ) أي لا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن كتعرضهن للإماء ) ( الجديد لمحمد السبزواري النجفي : 5/453)


بصراحة أصبت بالصدمة ولم أستطع إجابته،،، فهل حقاً أن سبب فرض الحجاب هو حماية النساء من التحرش كما قال كل أولئك العلماء والمؤرخين من المذهبين،،، إذاً فهل اليوم وبعد أن أصبحت الحمامات موجودة في كل بيت ولا حاجة للنساء للخروج لقضاء الحاجة في العراء ينتفي السبب الذي فرض الحجاب من أجله؟ وهل أن الإسلام لم ميز بين الحرة والعبدة في الحجاب فترك الأخيرة من دون حجاب بل وسمح لها بأن تكشف عن ظهرها وثدييها؟

فهل يسعفني أحدكم بإجابة؟!


لكم خالص الود،

حسن الخزاعي