Creative Commons License
شكراً وزارة الإعلام، لست في حاجة لحماية حقوق الطبع.

زرنوق بحراني

هنا حيث تنحشر الأفكار والأحلام والخواطر

الأحد، ديسمبر 04، 2005

ملائكة أم زنابير

في رمضان الفائت آثرت العزلة وارتأيت التفقه في الدين عملاً بالآية "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم" فقضيت لياليَ الباردة أسف أكواباً من الشاي وأمزمز بقطع جبنة خاودوية لذيذة (نسبة إلى مدينة خاودا الهولندية الشهيرة بجبنتها الطرية) أتصفح مالدي من كتب وأبحث على صفحات الإنترنت عليّ أجد ما يستحق القرآءة. قرأت عن كل شيء تقريبا.. التوحيد، النبوة، المعاد وما إلى ذلك فلم أجد جديداً أرجع به إلى قومي لأنذرهم سوى قضية الملائكة.

الملائكة في الفكر الديني كائنات نورانية لها أجنحة، فكما جاء في الآية 150 من سورة الصافات

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

بالرغم من أن هذه الآية تحدد عدد أجنحة الملائكة باثنين أو ثلاث أو أربع أجنحة فقط إلا أن الحديث يخبرنا عن نسخ أكثر تطوراً من الملائكة بست مائة جناح كجبرائيل أو آخر بمميزات خاصة وحتما سرعة أكبر اسمه دردائيل ذي العشرة آلاف جناح ويحاول المفسرون تجاوز هذه الإشكالية بقولهم أن الآية "يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء" تجعل العدد مفتوحاً إلى مالانهاية! الجدير بالذكر أن {مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} تكررت في أكثر من آية أهمها الآية 3 من سورة النساء والتي يستند إليها المفسرون في إباحة تعدد الزوجات {‏فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع‏} وليتهم فسروها كما فسروا الأولى ففتحوا الباب على مصراعيه حتى يتسنى لنا أن نتخذ ما يطيب لنا من النساء فأقترن أنا مثلا بست مائة امرأة فاتنة على غرار جبرائيل ذي الست مائة جناح.

ليست عندي أي مشكلة في الإيمان بوجود مخلوقات مجنحة (بالرغم من استغرابي بكل هذا الهوس بالطيران في الفكر الديني) إلا أني أتساءل عن طريقة طيران ملاك بثلاثة أجنحة إذ أني وبعقلي المحدود أظنه قد يصاب بـ ALIGNMENT بلغة ميكانيكا السيارات فيحيد لجهة أكثر من الأخرى مما قد يعرض مهماته للتأخير أو قد يتسبب في حوادث ملائكية خطيرة!

الأمر الآخر الذي اضطررت للبحث عنه طويلا هو تصنيف الملاك داخل ممالك الحيوان المعروفة لدى البشر، فالملاك حسب الموروث الديني لا يتزاوج ولا يتكاثر وبذلك لا يمكن أن يكون من الثدييات أبدا فارتأيت بأنه قد يكون من الطيور لامتلاكه الأجنحة إلا أني كنت محتاجاً إلى أدلة أكثر من ذلك فوجود الأجنحة ليس بكاف لاعتبار المخلوق طائراً فالخفافيش وحتى بعض السناجب المجنحة لا تعد من الطيور... ما وجدته في الأثر أن على أجنحة الملائكة ريش وهذا دليل آخر يقربنا من اعتبارهم طيورا، فقد ورد الآتي في كتاب الشمائل المحمدية للترمذي ووجدت مثله عند الشيعة والأباضية:

سُئل السبكي عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه و ‏سلم مع أنّ جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه (لقد أُهلِكت ‏مدائن لوط بريشة من جناح جبريل)، فأجاب بأنّ ذلك لإرادة أن يكون الفعل ‏للنبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و تكون الملائكة مدداً على عادة مدد ‏الجيوش و دعاية لصورة الأسباب و سُنّتها التي أجراها الله في عباده .

إذن فهذا دليل على أن على أجنحة الملائكة مكسوة بريش وهذا يقربنا أكثر من فرضية أنهم طيور إلا أن مسألة عدم تزاوجهم وتكاثرهم تقلقني جداً فهذا أمر يخرجهم من عالم الأحياء أصلا إذ أن التكاثر صفة أساسية من صفات الكائنات الحية. السؤال الذي تبادر إلى ذهني ساعة قراءة تلك الروايات هو هل أن الملائكة يمرضون كما تمرض باقي الكائنات؟ وهذا سؤال تبعه سؤال آخر أكثر إلحاحاً وهو في حال أن كانت الإجابة على الأول بنعم فهل بالإمكان أن يصابوا بحمى الطيور كونهم مخلوقات تشبه الطيور كثيرا؟!

ملاحظة: قد يعتبر بعض المتدينيين كتابات كهذه من الكفر وإنكار الضرورات ولكني أختلف معهم في أن ما نكتب هو نقد للتسطيح الذي تعرض له الدين على أيدي فقهاء غير مأهلين للفتيا أصلا فحشوا الدين خرافات وأولوا الآيات كما يشتهون حتى وصلنا دين مشوه لا يشبه إسلام محمد في شيء.

تحياتي،
حسن الخزاعي
المنامة المحروسة